Рассылка ахзан: Философия красоты и любви
رسائل الأحزان: في فلسفة الجمال والحب
Жанры
في هذا البيت، قالت: وما باعث هذه الكلمة؟ قلت: إن كل شيء فيك ليتكلم من غير أن يضطرب به صوت، ولقد يكون من بعض خواطري وخواطرك ما أسمع منه في قلبي صوتا كصلصلة الدرع حين يقع عليها السيف، وإنك لا تدرين كيف أفهمك؟ قالت: فكيف؟ قلت: إني أفهمك سعادة أخشى منها وأخافها، فإن السعادة إن لم تتحقق لا تضر إلا في الحب؛ فشر أنواع السعادة فيه تلك التي لا تتحقق، قالت: فإذن أنت تخافني؟ قلت: ولكن ذلك ليس معناه أني أخافك بل معناه أني أرجوك.
قالت: وعلى هذا يكون لقولك إني أرجوك معنى آخر؟ قلت: بل معان عدة منها أني ... قالت: وماذا أفهم من أني؟ قلت: أليس فيها ياء المتكلم؟ فقالت: وأي شيء في ياء المتكلم؟ قلت: بربك لا تتعنتي أليس فيها المتكلم نفسه ...؟ فضحكت وقالت: ولكن ما معنى أنك ترجوني؟ قلت: إن النبات لا ينبت إلا حيث يجد عناصر غذائه، وروحي قد وجدت في جمالك كل عناصر الحب فنبتت فيها نبتة جديدة أخاف أن لا تتعهديها فتذوي؛ ومن هذا الخوف أرجوك.
وقلبي يخشى منك على ما فيه منك فإن لكل شخص ظلا، ولكن هواك نقل ظلك إلى قلبي كما تنقله آلة التصوير؛ فإن غضبت وتحولت مزق ظلك هذا القلب ليغضب ويتحول، ومن خوفي هذا أرجوك.
وكل شيء في عالم الموت يموت وينسى فإذا أنت نسيتني فهذا موتي عندك، وكل من يحب الحياة يخاف الموت فمن هذا الخوف أرجوك.
وكلماتي هذه تخاف أن تحمليها محمل الجرأة عليك فهي كذلك من الخوف ترجوك.
قالت: أفليس في الحب إلا الخوف؟ قلت: فيه الرجاء ولكنه هو الخوف بعينه، وللعرب خرافة جميلة في سلحفاة يسمونها «بنت طبق» فيزعمون أنها تبيض تسعا وتسعين بيضة كلها سلاحف وكلها بناتها وكلها من جنسها؛ ثم تبيض بيضة واحدة تنقف عن حية تأكل التسعة والتسعين كلها ... قالت: آه، قلت: وآه فلو كان لي في حبك تسعة وتسعون رجاء مائة إلا واحدا ثم خوف واحد لمحاها كلها، فاسترسلت في إطراقة جميلة، ثم قالت: لقد جئت معي بالنسخة الإنجليزية، من ديوان «عمر الخيام»؛ إن هذا الشاعر - ونظرت إلي باسمة - حبيب إلى قلبي وهو مني كالسعادة إن لم أطمع في نيلها لم أيأس من قربها ولا من الفكر فيها، كل قصيدة من قصائده تنشئ في حبا جديدا، ففي قلبي له أنواع كثيرة من الحب لا أدري ما هي، ولا ما الفرق بين نوع منها ونوع منها، ولكن كلها حب كلها حب، وهو نجم بعيد عني غير أني أراه ساطعا، وأعلم أن في قلبي دما يحن إليه، وفي هذا الدم ينغمس شعاعه الآتي من السماء؛ هو حيث يكون وحيث يكن فهو في قلبي.
قلت: وإذن فلا ينبغي (للخيام) أن يسلط الخوف على رجائه ...؟ فتلألأ ثغرها ضحكا وقالت: «الخيام» إنما هو هذا الكتاب في هذا الجلد المذهب، قلت: فأنا أستنزل روحه إلينا فإن في هذه القوة فلا بد له من أن يجيء.
ثم أطرقت وجعلت ألمح ابتسامها حين أدوم عيني
13
يمنة ويسرة ثم انتبهت ورميتها بنظرة ارتاعت لها روعا ظاهرا وقلت: إن روح الخيام تجيش في منذ الساعة وهو يسألك هل تحبينه؟ قالت: بلى؛ ولكن على سائلنا أن نسأله، فماذا يرى هو في؟ قلت: إن كل ما احتساه من الخمر فكان لذته في الدنيا يراه الآن قد خلق جسما جميلا رائع الجمال فهو يسكر منه، ولكن سكر أهل الجنة في الجنة، قالت: أفلم ينس الخمر بعد؟ قال «الخيام» ... وهل الكتاب الذي في يدك إلا أسطر من شعاع الكئوس، قالت: والحبيبة الذي يذكرها فيه؟ فقال الخيام لو كانت مثلك لما ساغ لي أن أذكر معها الكأس، ولكني كنت أستجمع بها مناظر الجمال فإن الطبيعة تتزين لعين الشاعر إذا رأت معه امرأة جميلة كأنها تغار، قالت: إذن كان يريد الطبيعة لا الحبيبة، قال الخيام: بل أردت أن يكون موضع تأملي جميلا بالجمال وحبيبا بالحب، وتوخيت أن تكون فيه كل عناصر الهوى، أن المسجد لا يبنى في أي الأمكنة، بل يختار له المكان الذي فيه عنصر الصلاح والمنفعة، والمسجد نبات مغروس في تربة خاصة تجمع عناصر الصلاة والتسبيح والتهليل، والخيام نبات مغروس كذلك ولكن في الورود والرياحين والألحاظ وشعاع الخمر.
Неизвестная страница