Эпистолы братьев чистоты и друзей верности
رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء
Жанры
مثال ذلك أن السواد لا يكون إلا في الجسم ولا يدرك إلا في البصر، كذلك حكم البياض، والعلم لا يكون إلا في النفس ولا يدرك إلا بالعقل، والجهل كذلك حكمه، وأما المضافان فإنهما متقابلان ولا يتنافيان ويدور أحدهما على الآخر كما بينا قبل، وأما القنية والعدم فشبيه الضد والمضاف جميعا، وذلك أن العدم يضاف إلى القنية، والقنية لا تضاف إلى العدم، فيقال: عمى البصر ولا يقال: بصر العمى، والقنية والعدم لا يجتمعان، كما أن الضدين لا يجتمعان، فإذا كانت القنية جسمانية كان العدم أيضا جسمانيا ، وإن كانت روحانية فكذلك العدم أيضا روحاني، ولا يقال: العادم للقنية إلا إذا حان وقت وجوده، مثال ذلك لا يقال للطفل: إنه أدرد إلا إذا حان خروج أسنانه، ولا تاركا للفعل إلا حين إمكانه الفعل.
(2) فصل في معنى قدم الأشياء
واعلم بأن تقدم الأشياء بعضها على بعض من خمسة أوجه، أحدها بالزمان والكون كما يقال: إن موسى أقدم من عيسى، والآخر بالطبع كما يقال: إن الحيوان أقدم من الإنسان، والثالث بالشرف كما يقال: الشمس أقدم من القمر، والرابع بالمرتبة كما يقال في العدد: إن الخمسة أقدم من الستة، والوجه الخامس بالذات كالعلة والمعلول، والشيء في الشيء على عدة أوجه، الشيء في المكان وفي الزمان وفي الوعاء، والعرض في الجوهر، والجوهر في العرض، والشخص في النوع، والنوع في الجنس، وعكس هذا، والسائس في السياسة، والسياسة في السائس والشيء في التمام، والأجزاء في الكل وما شاكلها، والشيء مع الشيء يقال على ثلاثة أوجه: مع الزمان مثل الفيء مع الضوء، ومثل المضافين كما بينا، ومثل الأنواع التي كلها معا تحت جنس واحد.
واعلم يا أخي بأن مثل هذه العشرة الألفاظ وما يتضمنها من المعاني التي هي عشرة أجناس، المحتوية على جميع معاني الأشياء وما تحت كل واحد من الأنواع، وما تحت تلك الأنواع من الأشخاص، كمثل بستان فيه عشر أشجار، على كل شجرة عدة فروع وأغصان، وعلى كل غصن عدة قضبان، وعلى كل قضيب عدة أوراق، وتحت كل ورقة عدة أنوار وثمار، وكل ثمرة لها طعم ولون ورائحة لا تشبه الأخرى.
وأن مثل النفس إذا هي عرفت معاني هذه العشرة الأجناس وتصورتها في ذاتها، وتأملت فنون تصاريفها، وما تحتوي عليه من المعلومات المختلفة الصور، المفننة الهيئات، المتلونة الأصباغ، كمثل صاحب ذلك البستان، إذا فتح بابه ونظر إلى ما فيه من الألوان والأزهار، واشتم من روائح تلك الأنوار، وتناول من تلك الثمار، وتطعم من تلك الطعوم، وتمتع بنتائج ذلك البستان.
فاجتهد يا أخي في طلب العلوم وفنون الآداب، فإن العلوم بساتين النفوس ، وفنون معانيها وفوائدها وألوان الثمار، والعلوم غذاء النفس كما أن الطعام غذاء الجسد، وبها تكون حياها ولذة عيشها وسرورها ونعيمها بعد مفارقة الجسد كما بينا في رسالة المعاد.
وفقك الله أيها الأخ البار الرحيم للسداد والرشاد وجميع إخواننا حيث كانوا في البلاد.
(تمت الرسالة الحادية عشرة في المنطق الفلسفي، والحمد لله رب العالمين، والصلاة على نبيه محمد وآله أجمعين.)
الرسالة الثانية عشرة في معنى بارامانياس «وهي الرسالة الثالثة من المنطقيات»
وإذ قد فرغنا من ذكر العشرة الألفاظ التي يسميها الحكماء المنطقيون «المقولات العشرة»، ووصفنا كمية ما يتضمن كل واحد منها جنسا من المعاني، وهي الصور المنتزعة من الهيولى، ورسومها المصورة في أفكار النفوس الإنسانية، مثالها في رسالة قاطيغورياس، وقبل ذلك قد ذكرنا في فصل آخر الستة الألفاظ التي تستعملها الفلاسفة في أقاويلها، وفي فصل آخر قبله وصفنا أن الحروف المفردة إذا ألفت صارت ألفاظا، وأن الألفاظ إذا ضمنت المعاني صارت سمات، وأن السمات إذا ترادفت صارت كلاما مفيدا، فنقول في هذا الفصل:
Неизвестная страница