* فإذا كان جنس الرؤيا تحته أنواع ثلاثة، فلا بد من تمييز نوع منها من نوع.
* ومن الناس - حتى من الشيوخ الذين لهم علم وزهد - من يجعل مستنده في مثل ذلك: حكاية يحكيها عن مجهول.
حتى يقول: حدثنى أخي الخضر أن قبر الحسين بمكان كذا وكذا - ومن المعلوم الذي بيناه في غير هذا الموضع أن الخضر قد مات (١) - أو رأى شخصا يقول: إني الخضر، أو ظن الرائي أنه الخضر، إن كل ذلك لا يجوز.
* وأما ما يذكر من وجود رائحة طيبة، أو خرق عادة أو نحو ذلك بتعلق بالقبر: فهذا لا يدل على تعينه، وأنه فلان أو فلان، بل غاية ما يدل عليه - إذا ثبت - أن ذلك دليلا على صلاحه، وأنه قبر رجل صالح أو نبي (٢) .
* وقد تكون تلك الرائحة مما صنعه بعض المكتسبين من القبر، فإن هذا مما يفعله من هؤلاء، كما حدثني بعض أصحابنا: أنه ظهر بشاطئ الفرات رجلان، كان عند أحد هما قبر تجبي عليه أموال ممن يزوره وينذر له من
الضلال، فعمد الآخر إلى قبر - زعم أنه رأى في المنام أنه قبر عبد الرحمن بن عوف - وجعل فيه من أنواع الطيب ما ظهرت له رائحة عظيمة.
* وقد حدثني جيران القبر الذي بجبل لبنان بالبقاع - الذي يقال إنه قبر نوح - وكان قد ظهر قريبا في أثناء المائة السابعة، وأصله: أنهم شموا من قبر
_________
(١) والخضر ﵇ قد مات بنص القرآن القطعي لقوله تعالى: وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد) الأنبياء (٢١ / ٣٤) وأرجو أن تراجع تفسير هذه الآية في الجامع لأحكام القرآن (١١ / ٢٨٣) ط.
دار الكتب، زاد المسير (٥ / ٣٤٨) ومختصر ابن كثير (٢ / ٥٠٧) .
وتقول بعض الفرق الهالكة إن الخضر لم يمت وأنهم يرونه عيانا ويتحدثون إليه ويتحدث إليهم ويستمدون منه أصول التشريع ويطمئنهم على معتقداتهم، تلك كلها ضلالات شيطانية يا عزيزي القارئ فلا تتوقف عندها، لأن الخضر مات كأي بشر، وهو ليس أفضل من رسول الله (ص) وهو صاحب كل فضل وفضيلة وكان أولى بالخلود من الخضر وغيره.
(٢) وقبر سيدنا رسول الله (ص) هو القبر النبوي الوحيد الذي اتفق عليه بالإجماع وما سواه من قبور الأنبياء لم يحصل عليه الإجماع مثله.
(*)
1 / 189