فصفق سعيد بيديه وخرج ليطل على الفرسان كأنه يريد أن يتحقق طريقهم.
فقالت له: يظهر أنك كنت سائرا إلأيهم.
قال: نعم.
قالت: لقد نجاك الله من أيديهم ولم يكن ضلالك إلا وسيلة لنجاتك.
فاضطرب سعيد واختلج قلبه في صدره وقال بالله عليك أفصحي يا أخيه فقد نفذ صبري وقد علمت غرضي فأخبريني عن حقيقة أمرك.
قالت: لم يعد يمكنني البقاء هنا مخافة أن يأتي أحد فيراك معي فتكون العاقبة وخيمة علينا.
قال: وهل تريدين أن نبعد من هذا المكان.
قالت: نعم هلم بنا فإذا خلونا تحادثنا وعساك أن تتلافى أمرا لا أزال خائفة من وقوعه وهو شر عظيم. قالت ذلك وخرجت من الغرفة فمشت أمامه وهو يتبعها حتى خرجا من البستان وأوغلا في الحقول وهو يسير في أثرها إلى حيث لا يدري وكلاهما صامتان لا يفوه أحد بكلمة حتى دنوا من بناء عالي الجدران كأنه بلا باب. فقالت له: هذا دير للقبط فلندخله بحجة الزيارة فنكون في مأمن ومشت أمامه إلى باب صغير في أسفل الحائط مصفح بالحديد فقرعته فأطل عليها من نافذة في أعلى الحائط راهب في يده مصباح وقال من يقرع الباب.
قالت: إننا غرباء نلتمس زيارة الدير.
ولم تمض هنيهة حتى فتح الباب وسمع لفتحه صرير فدخلاه حانيي الرأس لضيقه فأشرفا على دهليز دخلا منه والراهب يسير بالمصباح أمامهما حتى انتهيا إلى الكنيسة فنظر الراهب إليهما في نور المصباح فعرف الفتاة أنها من أهل الفسطاط بل هي من أعيانهم فسر من زيارتها ورحب بها وأدخلهما إلى غرفة في الجانب الآخر من الكنيسة فيها مصباح فسألهما إذا كانا يحتاجان إلى شيء فقالا كلا فتركهما ورجع.
Неизвестная страница