قال: وكيف هو الآن؟
قال: هو في خير وقد رأيناه في راحة لم يذقها منذ أيام.
ولم يتم عبد الله كلامه حتى رأى أبا رحاب يتحرك في فراشه فتقدم سعيد نحوه فإذا هو قد فتح عينيه وأشار إليه بيده فدنا منه وجثا أمامه يلتمس منه إشارة.
فقال أبو رحاب: أين كنت يا ولدي فقد التمسناك مرارا فلم نقف على مكانك.
قال خرجت في حاجة إلى الكعبة واتفق لي حادث شغلني عن المجيء حتى الآن.
فمد الشيخ يده حتى قبض على يد سعيد وضغط عليها كأنه لا يريد أن يفارقه وسعيد صامت لا يبدي حراكا لشدة تأثره من منظر جده الشيخ وقد شعر أنه إنما ضغط على يده ضغطة الوداع.
فترقرقت الدموع في عينيه والتفت إلى عيني جده فرآها عارقتين بالدمع وهما شاخصتان إليه فتفطر قلبه وهم أن يتكلم فابتدره جده قائلا: «أراني لا أزال في قلق على مستقبل حياتك وأخشى أن لا تكون استوعبت نصيحتي فقد نصحتك وأنا في آخر أيام الدنيا نصيحة أوحى إلي أن ألقيها إليك. وقد تركتني الليلة غارقا في بحار الأحلام وكأن هاتفا خوفني من غيابك. هل أنت باق على عهدي يا سعيد».
قال: «لقد عاهدتك يا جداه عهدا وثيقا أني لا أنوي شرا للإمام علي ما حييت وأنا باق على عهدي وأريدك علما أني لقيت في الكعبة أناسا يتآمرون على قتله وقتل صاحبيه معاوية وعمرو في يوم عينوه. وتعاهدوا عليه فلم يبق تمت حاجة إلى سعيي».
فبغت الشيخ وحملق بعينيه وصاح قائلا: «ومن هم هؤلاء».
فقص سعيد خبره مختصرا وختم كلامه قائلا: «إني لم أعرفهم ولا استطعت اللحاق بهم خوفا منهم لأني أعزل».
Неизвестная страница