172

وقال في نفسه لقد أجاب الله سؤالي. والله إني سأذيقهما الموت بيدي هذه. وجس منطقته فرأى الخنجر فيها. فلبث مستظلا بالشجرة ليرى ما يكون منهما. فإذا هما قد سارا خطوات قليلة حتى أتيا إلى قناة لانحدار مائها خرير وبجانب القناة شجرة من الصفصاف يستظل بها المارة في أثناء النهار. فتحولا عن الجملين وضرب ريحان القبة كالعادة وأوقد النار ثم قال لمولاته «استريحي يا سيدتي ريثما ألاقي البستاني وآتي إليك ببعض الزاد والفاكهة وأنت هنا في مأمن».

قالت «سر ولا تطل الغياب».

قال «حسنا» وانصرف.

الفصل السابع والمائة

على الباغي تدور الدوائر

وكان بلال واقفا ينظر إليه. فلما رآه توارى نظر إلى قطام على بصيص النار فإذا هي قاعدة وقد كشفت عن وجهها وعنقها وشمرت عن ساعديها ثم رآها نهضت وضفائرها مدلاة على كتفيها وظهرها وفي أطراف الضفائر دنانير معلقة إذا تصادمت أثناء المشي سمع لها رنين. ومشت إلى حافة القناة ودمالجها وخلاخلها تخض خشيشا. فخاف بلال إذا أبطأ أن تفوته الفرصة فوثب عليها وهي تهم بالجلوس على حافة القناة وأمسك بطوقها وجذبها إليه فوقعت على قفاها فجثا على صدرها. فصاحت «ريحان» وقبل أن تتم كلامها وضع بلال قبضته في فيها وقال لها «لم يبق لك في هذه الحياة إلا دقائق قليلة فاعلمي قبل أن تفارقيها أني بلال خادم خولة وسعيد وإني منتقم للإمام علي» فأشارت بعينها إنها تريد الكلام فاستل الخنجر وصوبه إلى عنقها وقال لها «تكلمي بهودء وإذا رفعت صوتك أغمدت هذا الخنجر في عنقك».

قالت «ارحمني يا بلال وأشفق على حياتي».

قال «لا يرحمني الله إن رحمتك وأنت قد ضافرت ابن ملجم وحرضته على قتل الإمام علي. وأردت قتل شابين من خيرة الشبان. ولكن حيلتك لم تبطل فيهما وأخيرا جئت الفسطاط لإغراء أميرها على خولة. كيف أرحمك يا خائنة».

قالت «ذلك قد مضى يا بلال وأنا تائبة فاعف عن قتلي ولك كل ما أملكه».

قال «هل يتوب الهر!! وإما العفو عن قتلك فوالله لو عرفت قصاصا أعظم من القتل لقاصصتك به لأن القتل قليل على فاجرة خائنة مثلك».

Неизвестная страница