قال «ألم تكن في فلسطين يوم قتل عثمان؟ فكنت إذا لقيت الراعي حرضته على قتله؟ ألم تحرض عليا وطلحة والزبير عليه؟ فلما جاءك رجل أخبرك بمقتل عثمان ألم تقل أنا عبد الله إذا حككت قرحة تكأتها؟»
2
فلما سمع عمرو قولها استغرب جرأتها وغضب لتصريحها بأمور كان يود كتمانها ولكنه سبق فأمنها وكان داهية يحول معاني الكلام كيف شاء فقال لها «لقد أعجبني دفاعك يا خولة ولكننا لسنا في معرض الدفاع عن علي أو عثمان ولا يهمنا انحرافك أو انحراف والدك وإنما نحن في اطلاعك على خبر المؤامرة على قتلي ثم سكوتك إلى آخر ساعة ووالدك بين يدي كل يوم فكأنك اشتركت مع المؤامر» قال ذلك وهو يحسب نفسه قد غلبها وسد عليها أبواب الدفاع. وكان أشد الناس خوفا عليها عبد الله وقد خيل له أنها لم تعد تستطيع دفاعا بعد إقرارها السابق.
أما هي فهمت بالكلام فإذا قطام تقول «إني لأعجب من حلم الأمير وما الذي يرجوه من دفاعها عن ذنب اعترفت به صريحا».
فلم تعبأ خولة بقول قطام ولكنها أجابت عمرا قائلة «إني لا أنكر عليك عظم هذا الذنب بالنظر إلى ما كنت ترجون من قيامي بأمر الخوارج وموافقة والدي على تأييد أمركم والتصديق على دعواكم ودعوى معاوية وإنكم على الحق. وقد قدمت لمولاي بأني فعلت ذلك وأنا على دعوة الإمام علي فذنبي من هذا القبيل لا يعد شيئا بالنظر إلى ما تستوجبه هذه المرأة (وأشارت إلى قطام) التي إنما جاءت بهذه الوشاية غيرة عليك وضنا بحياتك فاتهمتني بالخيانة لأني على زعمها كنت عالمة بخبر المؤامرة ولم أخبرك بها فما الذي منعها هي عن إخبارك بذلك يوم أرسلت عبدها عبد السوء للوشاية بأصحاب عين شمس. فإذا كانت هذه المرأة صادقة في دعواها ألم تكن هي أولى مني بإطلاع الأمير على ذلك الأمر؟ اسألها وانتظر في جوابها».
الفصل الحادي والمائة
فشل الظالمين
فانتبه عمرو كأنه في سكرة وصحا منها بغتة فرأى خولة مصيبة بدعواها فالتفتت إلى قطام لفتة استفهام فلم يسمع منها جوابا. فقال ها «ما تقولين يا قطام لماذا لم تخبريني بخبر تلك المؤامرة؟»
فارتبكت في أمرها ولكنها أجابت وهي مبغوتة وقالت «لأني لم أكن عارفة بخبرها يومئذ».
فتبين عمرو التلاعب في كلامها ولكنه أراد تحقق ذلك فقال لها «ولكنك قلت الآن إنك سمعت خبر المؤامرة منهما فهل سمعته قبل إرسال عبدك إلينا أو بعده».
Неизвестная страница