قال «كان في المسجد كما رأيته وقد تحول الآن إلى داره من باب في المحراب».
قال «وهل هو يريد مقابلتي الآن؟»
قال «نعم».
فانشغل بال عبد الله لذلك الطلب وخاف أن يكون مبنيا على مخاطبته بلالا إذ ربما كان أحد عارفا بمهمته أو غير ذلك. ولكنه مشى حتى أقبل على مجلس عمرو وكان إذا وصل المجلس دخل بلا استئذان. فلما هم بالدخول اعترضه الحاجب قائلا «تمهل ريثما نستأذن لك» فوقف عبد الله ودخل الحاجب ثم عاد فاستفهم عن الجوانب فقال «أن الأمير يريد الخلوة بك على انفراد الليلة فإذا أتيت في العشاء تعال وحدك».
فاستغرب عبد الله ذلك الشرط وأشكل عليه المراد منه فاستزاد الحاجب إيضاحا هل المراد أن يأتي وحده بمعنى أن لا تكون خولة معه.
قال «أظن هذا هو مراده فإنه قال ليأت وحده لكلام سألقيه إليه على انفراد».
فعظم الأمر على عبد الله وحسب لذلك ألف حساب. ولم تكن الشمس قد مالت إلى الغروب فعاد إلى البيت والهواجس تتقاذفه وظهرت عليه أمارات الانقباض فلما أقبل على خولة ورأت على وجهه آيات الاضطراب ابتدرته قائلة «ما بالك يا عبد الله ما الذي غير وجهك إني أراك متغيرا وأرى في وجهك انقباضا قل رعاك الله ما أوجب ذلك».
قال وهو يحاول التجاهل «ليس في شيء مما تقولينه لكن يظهر أني تعبت من سماع العظة في المسجد ومللت مسافة الطريق وليس ذلك من الانقباض في شيء وكيف ينقبض عشيرتك وأنت مصدر السعادة وينبوع الهناء؟»
فلم تقتنع بقوله ولكنها سكتت على أن تستطلع السر بعد قليل بلباقة. وغيرت الموضوع فقالت «وهل رأيت بلالا؟»
قال «نعم وقد أوصيته بما يقوله لسعيد».
Неизвестная страница