نعم، كانت والدتي تصنع الطعام بصورة منتظمة، تطعمنا جميعا، أنا وندى ونيرو وأبي وزوجته تيري، لكن يتم ذلك تحت عاصفة من الشجار المستمر واللعنات، تحت عاصفة من التهديد والوعيد، وأنها سوف لا تصنع الطعام وسوف لا تصنع الجعة، وسوف لا تجلب الماء من البئر، سوف لا تحتطب مع الحاطبات، وسوف تذهب لوالدها تاركة أبينا، ولترضعكم تيري من ثديها الكبير جميعكم، ولترضع نفسها أيضا، وهكذا تفعل التيرا.
أمي تهتم بإدارة الشجار اليومي أكثر من الاهتمام بنا، رغم ذلك عندما أخبرها العائدون إلى القرية بأنني بقيت مع البرص في بيتهم ذي السقف المسطح ذعرت، جرت نحو قطية أبي وأخذت تضرب على باب الخشب بكل قوتها طالبة من أبي أن يعيدني للمنزل، لكنها كانت تعرف مثل القرية كلها إذا اختلى أبي بها جامعها، إذا جامعها يستحيل عليه الفكاك منها، يقولون إنها مثل الكلبة لها ما تقبض به شيء الرجل إلى ما تشاء، وهكذا تفعل نساء قبيلة الكا. حملت أمي حربتها، جاءت إلى بيت البرص، أخذت تدور حول المنزل إلى ما بعد منتصف الليل، حيث عرفت ذلك من خلال صوت الليل قرب النافذة، عندما خرج مستر جين وجدها تقف بعيدا متكئة على حربتها، سلط عليها ضوءا قويا من بطارية متحركة، هربت في عمق الدغل.
مثلي مثل كل أطفال القرية عارية حافية، ليست بجسدي غير قلادة من الخرز حول خصري وتميمة معلقة على عنقي مدلاة على صدري لتحميني من الأرواح الشريرة، لا أدري هل كان جسدي نظيفا أم تفوح منه رائحة نتنة، لم أذهب للاستحمام في البحيرة منذ أسبوع مضى.
أدخلتني مسز جين الحمام، ولأول مرة أرى الماء يهبط من السقف كالمطر، كان دافئا لذيذا، لكني افتقدت فيه انطلاقة البحيرة واللعب الذي عادة يصاحب الاستحمام، عطرتني بعطر له رائحة مسك الغزال، كانت سعيدة جدا ومثلها زوجها؛ يتحدثان، يضحكان، يقولان لي كلمات ما كنت أفهم منها شيئا غير أنني كنت أرد دائما بابتسامة تدل على أنني: أبادلكم شعورا جميلا جدا.
ألبستني فستانا جميلا أبيض اللون، ناصع البياض، هذا أول شيء ألبسه في حياتي بعد بطن أمي، كنت أحس به يضغط على جسدي، ولو أنه كان فضفاضا إلا أنه لا يحتمل، غريب مدهش في آن واحد، حاولت نزعه والتخلص منه، لكنهما أجبراني على إبقائه بجسدي، كان يخزني كأنما به أشواك التين، وخز حلو مدهش، عندما أتخيل كيف سيصيح أهلي عندما يرونني في هذا الملبس الذي ليس بإمكان طفلات الكواكيرو نفسه، كيف ستهتف أمي.
بتاتا، تلو، تلو وا.
وهي تضرب كفا بكف.
لا أدري متى نمت.
غير أني عندما استيقظت في الصباح الباكر وجدت نفسي على لحاف ناعم لم أر مثله في حياتي، إنه لا يشبه لحاف أوراق الموز الذي نلتحف، وهو أيضا أنعم من لحاف الريش الذي صنعه أبي لزوجته الجديدة تيري.
استيقظت على خجخجة أهلي.
Неизвестная страница