عقوبة ذلك في العادة أن تحل روحه فيك، وأن يحل جسده فيك.
أما روحه فإنها في اللحظة التي قتلته فيها دخلتك.
أما جسده، نقوم بحبسك أعلى الجبل إلى أن تأكل آخر قطعة منه، عندها سيحل جسده فيك، حينها سنطلق سراحك مذءوبا.
أولا: سارت مجموعة المحاربين الشبان يحملون شرائح لحم الذئب على عصي طويلة من البامبو، كل اثنين يحملان قناة واحدة طويلة، تتدلى على جوانبها شرائح اللحم تقطر دهنا، كان حيوانا شحما، تبعه حامل الإيقاع، الرجل الأبيض ذو العين الواحدة القطية والخصلات الشقراء، يقرع الطبل بإيقاع حزين ممل خفيض. ثم سلطان تيه على ظهره حاجياته كلها، خلفه مجموعة من المحاربين الشبان يحملون حرابهم وعصيهم، يغنون لحنا حزينا موقعا بطبل الرجل الأشقر الأعور، أصواتهم تعلو فجأة حتى تصبح الهتاف ثم تنخفض فجأة لتصير الهمس.
همسا عميقا.
وفي حركة أخرى تتدرج أصواتهم ما بين الهمس والهتاف، تتنقل من الأول للأخير بكل سلاسة وحرفية، ثقافتهم في مجال الغناء والموسيقى أحلى وإلا وجد اسما مناسبا لما يقومون بأدائه، أما الآن فهو يسمي ذلك «هارموني» أو يسميه تماهيا، لو استطاع أن يمتع نفسه بذلك دون تعارف لتمكن من طرد كثير من السؤالات السوداء.
كيف تتحدث هذه الصبية المتخلفة اللغة الإنجليزية وكأنها لغتها الأم؟ لكن عندما هدأت أعصابه قليلا اطمأن قلبه، عاد وربط ذلك بمستر ومسز جيني.
ما هو مصيري؟ أنت في ورطة، هل سأخرج سالما من هذه الورطة؟
ما بين القرية والغابة أرض تخلو من الأشجار الضخمة، لكنها مغطاة تماما بالأعشاب الناعمة ذات الأشواك الدقيقة، بعض المهوقنيات والتك في أعمار صغيرة. بدت له القرية من على البعد قبابا صغيرة مصنوعة من مادة بنية، شكلت لها خلفية طبيعية في هضبة عالية خضراء عليها الأشجار زاهية الخضرة تحرسها، وكما هو موضح في الخريطة يوجد منبع مائي صغير أعلى الهضبة، ها هو الجبل يفوق تصوره، في الحق لم تكن لديه تصورات سابقة عن المكان، كل تصوره كان ينصب على بحيرة التماسيح، موقعها بين الجبال، شكلها، مائها، تماسيحها، رمال التماسيح البيضاء الباردة تحتها يرقد بيضها، كاميرته تسجل حركة التماسيح وعلاقتها الأسرية والجنسية والغذائية، الآن وجد نفسه في موقف يجبره على إجلال جمال المكان وإحساس تفاصيل عظمتها، كلما اقترب أكثر من القرية تميزت الألوان الحجرية الزاهية التي طليت بها الكهوف. ثم جاء أطفال القرية كأنهم النعام بسوقهم الغبشاء وأعينهم النجلاء، رءوسهم عليها قنابيرهم، ليسوا كما رأى من أطفال، كانوا هادئين طيبين، لاحظ ذلك عندما اقتربوا من موكب المحاربين، جلسوا على جانبي السبيل على العشب احتراما لموكب الكبار، ولو أنهم شحنوا بالفضول، كانوا يحملقون في لحم الذئب وقاتله بعيون سئولة وحب استطلاع يكبته الأدب والطقس، هكذا تراصوا إلى مدخل القرية، النسوة الجميلات حزانى يجلسن على قارعة الطريق أيديهن على رءوسهن، أنغام الإيقاع القطي الحزين، يبكين، يصدرن مواء عميقا جعله يحس حقيقة الجرم الذي ارتكبه، ثم يعلو صراخهن ونقعهن عندما يمر أمامهن موكب لحم الحارس المقتول، دن، دم دم، دم، دن، دم دم، دن ...
كان الرجل الأبيض ذو العين القطية جميلا يدق الطبل.
Неизвестная страница