Рагнарук: конец богов
راجناروك: نهاية الآلهة
Жанры
ومن ثم تصرف «أودين». فألقى باثنين منهم في الفضاء. حيث أضاءت الأفعى الصغيرة في الهواء ضوءا باهتا، وسقطت، ثم طارت، ثم سقطت مرة أخرى، وهبطت على سطح المحيط الأسود اللامع الذي يحيط ب «ميدجارد». تمددت، وسبحت لبعض الوقت، وهي ترتفع وتهبط على الأمواج. ثم هوت أو غطست في الماء، واختفت عن الأنظار. فصفق الآلهة.
أخذ «أودين» «هيل» وألقاها نحو «نيفلهايم»، أرض الضباب والبرودة والظلام. فبقيت جامدة، مثل سهم انطلق من أحد الأقواس، أو صاروخ ذي مقدمة حادة مستدقة الطرف، وظلت مندفعة، وظلت تهبط إلى الأسفل أكثر فأكثر؛ إذ ظلت تسعة أيام تسقط ويتقلب عليها ضوء الشمس، وضوء القمر وضوء النجوم، متجاوزة عربات الشمس والقمر، وأطراف شجر الشوح الصنوبري مرورا بجذورها، ثم دخلت في المستنقعات والبرك المظلمة في «نيفلهايم» ومرت من خلالها، ثم مرت عبر التيار البارد لنهر «جيول» وصولا إلى «هيلهايم»، حيث كان عليها أن تحكم الموتى من البشر الذين لم يحالفهم الحظ بالموت في المعارك، فيما يسمى أرض الظلال. كان الجسر الذي يمر فوق «جيول» جسرا ذهبيا، والسياج الذي يحيط ب «هيل» سياجا حديديا شاهقا ولا يمكن اجتيازه. أما داخل القاعة المظلمة فقد كان هناك عرش ينتظر المخلوقة السوداء المزرقة، ذات الكدمات، تلك الإلهة والطفلة الوحشية، كما كان هناك تاج موضوع على وسادة سوداء، مصنوع من الذهب الأبيض، وأحجار القمر، واللؤلؤ الذي يشبه دموعا متجمدة، والبلورات التي تشبه الصقيع. وعندما حملت التاج والعصا الموضوعة بجانبه، بدأ الموتى يتدفقون إلى قاعتها مثل الخفافيش الهامسة، مثل أشباح لا تعد ولا تحصى. رحبت بهم دون أن يعتلي وجهها أيما ابتسامة. كانوا يلتفون حولها، وهم يصفرون بضعف، أما هي فقد أحضرت أطباقا من الفاكهة واللحم الطيفيين، وأكوابا تحتوي على طيف شراب الميد، تعلوه فقاعات طيفية عند الحافة.
وماذا عن الذئب، ما الذي حل به؟ تجري الذئاب بقوة عبر غابات العقل. ويسمع البشر عواءها في الظلام، مثل الموسيقى الطارئة الملحة، وكأنها جوقة جذلة تتبادل الألحان؛ كانت الذئاب الراكضة الواثبة المتسللة، التي لا تكل ولا تمل، غير مرئية وقابعة داخل الرأس. وهناك، أيضا، الفرو الخشن، والخطم، والأسنان، والدم. ينعكس ضوء النار وضوء البدر في عيون الوحوش، ويتلألأ في الظلام، كبقع من الضوء تسطع في الظلال الداكنة. يحترم البشر الذئاب؛ لما تمتاز به قطعانها من قرب ودفء، ولبراعتها في المطاردة، ولعوائها وزمجرتها، التي هي بمثابة رسائل ترسلها من حلوقها. كان لدى «أودين» في «أسجارد» جروان أليفان يرقدان عند قدميه، وهو يلقي إليهما اللحم الذي لم يتناوله. إن الذئاب حرة ووحشية، وهي أسلاف الكلاب، التي تهوى الجلوس بجانب المدفأة وتتسم بحب المطاردة، والتي استبدلت بقائد قطيعها آخر بشريا. وقد كون البشر والآلهة قطعانهم الخاصة لمطاردة وقتل قطعان الذئاب. ربما أخذت جراء الذئاب من أحد المخابئ بعدما ذبح والداهم، وأطعمت الحليب واللحوم، وجلبت من البرية. ربما جلس جرو وحيد على مؤخرته عند حافة إحدى الأراضي المقطوعة الأشجار وعوى، فأخذته امرأة وأطعمته وروضته. إنهم يوجهون خطامهم نحو القمر ويعوون.
كان الإله «تير» صيادا ومقاتلا. وهو يرتدي عباءة من جلد الذئب؛ بينما ثبتت الرأس الميتة الضخمة فوق وجهه الملتحي، شعثاء عمياء مكشرة عن أنيابها. عندما تردد «أودين» حول كيفية التخلص من الجرو «فنريس»، قال «تير» إنه سيأخذه، ويطعمه، وربما يروضه، كي يصطاد معه. زمجر «فنريس» في حلقه وأرجع أذنيه إلى الخلف متأهبا. تساءلت الطفلة النحيلة في زمن الحرب: لماذا ببساطة لم يقتل أودين الذي يعلم كل شيء الذئب والثعبان، اللذين كانا سامين ومروعين بكل وضوح، وكذا مشحونين بالعداء تجاه آلهة «الإيسير». لكن من الواضح أنه لم يستطع فعل ذلك؛ فقد كان مقيدا ببعض القوة الأخرى، التي شكلت القصة التي كان هو جزءا منها. قررت القصة أنه لا بد من بقاء المدمرين على قيد الحياة. وكل ما يمكن للآلهة فعله هو كبح الوحوش وتعطيلها. اعتقد «تير» أنه يعرف الذئب؛ وهذا لأنه كان يعرف كل ما هو بري جامح. فأخذه إلى غابة «ميدجارد» وأطعمه، وركض معه عبر الأشجار. لقد لعبا معا، وعندما يكبر الوحش، سيصطادان معا.
ومن ثم كبر الذئب. وكان مثل والده جامحا. اخشن صوته وعلا، فكان يصدر سلسلة من الزمجرات المتدرجة، والنباح الخافت، والعواء الكامل المرتفع الذي كان يمكن سماعه أعلى وأعلى في «أسجارد» البعيدة. كان هذا العواء بالنسبة إلى «تير» هو موسيقى البرية الجامحة. بالنسبة إليه هو فقط. أصبح الجرو اللعوب صغيرا واثبا بحجم الخنزير، وكان ينمو كل يوم. كان يقتل من أجل المتعة، وهو ما أرجعه «تير» إلى اللعب واللهو الذي يتسم به الصغار. فهو يترك أرانب نازفة في الجليد، وصغار غزلان بأحشاء ممزقة في الغابة. وقد كبر حتى صار في حجم الحمار، ثم المهر، ثم العجل. كان صدى صوته المدوي يتردد في «ميدجارد»، أما صمته فكان نذير شؤم؛ ذلك أنه يعني أنه يتربص بإحدى الفرائس ويطاردها، ولم يكن أحد يعرف - ولا حتى الآلهة - ما الذي ينوي مطاردته بعد ذلك. أحضر له «تير» أجزاء كاملة من لحم الخنزير والإوز النافق ليرضيه ولينال ثقته. فكان «فنريس» يبتلع، ويعوي، ويقتل.
قررت الآلهة تقييد الذئب. كانت الكلمات التي استخدمها البشر لوصف الآلهة هي نفسها التي استخدموها للتعبير عن القيود أو الروابط، وهي الأشياء التي تجعل العالم متماسكا، ضمن الحدود المسموح بها، وهو ما يمنع اندلاع الفوضى والشغب. حكم «أودين» بحربة مصنوعة من فرع مأخوذ من «إجدراسيل»، ومنحوتة عليها الأحرف الرونية لكلمة العدالة، حربة جلبت الحرب إلى العالم لحل النزاعات، حربة قضت على المحاربين وقادتهم إلى «فالهالا» حيث يتناولون لحم الخنزير المشوي والعسل، ويلعبون الشطرنج إلى الأبد. تحكمت الآلهة في زمام الأمور. كان الذئب هو الابن الغاضب ل «لوكي» الغامض والمتقلب، الذي سخر من رسمياتهم وقال إنها لن تنتهي نهاية جيدة. ولكن شيئا ما في مفهومهم حول النظام دفعهم أن يقرروا تقييد الوحش الضخم وتعذيبه فحسب، بدلا من محاولة قتله. ولكي يتحقق لهم ذلك كان عليهم التصرف بدهاء حتى يتمكنوا من خداعه كي يتعاون معهم، وإخضاعه.
ومن ثم صنعوا قيودا قوية أطلقوا عليها اسم «ليدنج»، وذهبوا في عصبة إلى الذئب في الغابة، وتحدثوا إليه بلطف، وقالوا إنهم أحضروا له هذه اللعبة كي يستعرض قوته. قالوا إنهم سيقيدونه بها على سبيل المتعة، وإنه سيكسرها ويتحرر، ويظهر لهم قوته العضلية والعصبية. ارتفع شعر عنقه متأهبا، ونظر إليهم نظرة باردة حذرة، وضاقت حدقته حتى صارت كالدبابيس. وقال إنه يمكنه فعل ذلك، وهو يلف عضلاته القوية المنحوتة تحت فروته اللامعة. ولكن لم عليه فعل ذلك؟ كانوا قد راهنوا، حسبما قالوا، على مواجهة الوحش عند حافة الأرض المقطوعة الأشجار، حيث يمكن أن يختفي في الغابة المظلمة، أو يثب مهاجما الآلهة بأسنانه ومخالبه، وراهنوا على المدة التي سيستغرقها للتحرر من القيود. كان يمكن لنافخ البوق «هايمدال» الذي يحرس بوابة «أسجارد» الشاهقة أن يسمع العشب وهو ينمو على الأرض، والصوف وهو يخرج من جلود الغنم. ولذا أمكنه سماع دماء الذئب النابضة، وفروته وهي تتمدد. «العب معنا.» هكذا قال للوحش، الذي ألقى نظرة حذرة على «ليدنج» واستلقى على أرض الغابة ورفع كفه الضخم ذا المخالب. فأخذوا القيد، وقيدوا قدميه، وكتفوهما معا، وقيدوا فكه متجنبين رائحة أنفاسه اللحمية الساخنة، وحملوه كثور مهيأ للشواء. أطلق صوتا مخنوقا، وهز رأسه يمينا ويسارا، وسعل داخل حلقه المقيد، ثم سعل مرة أخرى، وهز نفسه، حتى انتفخت جميع مفاصله، فانشق القيد والتوى ثم سقط على الأرض. وقف الذئب على قدميه وحدق في الآلهة وأصدر صوتا بين العواء والخرخرة، وهو ما كانوا يعرفون أنه ضحك. نظر إليهم، وهو يتوقع المزيد من اللعب تقريبا، ولكنهم تراجعوا وعادوا إلى «أسجارد».
أخبروا حداديهم أنه يتعين عليهم القيام بعمل أفضل من ذلك. فصنعوا سلسلة جديدة، بحلقات مزدوجة، ومدمجة معا بمهارة. كان اسمها «درومي». فأخذوا السلسلة الجديدة إلى الذئب، الذي وضع رأسه على جانب واحد، ليقيس قوتها. وقال إنها قوية جدا. كما قال أيضا إن حجمه قد زاد منذ أن حطم «ليدنج». فقالت الآلهة إنه سيصبح وحشا مشهورا إذا تمكن من التعامل مع مثل هذه السلسلة المعقدة المصنوعة بمهارة. وقف وفكر، ثم قال لهم إن هذه السلسلة أقوى فعلا. ولكن هو نفسه كان أقوى كذلك. ولذا سمح لهم بتقييده مرة أخرى. ثم هز نفسه بعنف، وهو ملتو ومشدود، وركل بقدميه فكسر القيد إلى شظايا طارت هنا وهناك. وابتسم للآلهة، وكان لسانه يتدلى خارج فمه، وضحك بسخرية. واستمر في النمو، وكان «هايمدال» يستطيع سماعه.
أرسل الآلهة «سكيرنير»، وهو مرسال شاب، إلى الأقزام الذين يعيشون في أعماق موطن الجان الداكن البشرة. وكان الأقزام يصنعون خيوطا مرنة من أشياء مستحيلة. كانت هناك ستة منها مغزولة معا، وهي صوت وقع خطوات قطة، ولحية امرأة، وجذور جبل، وأوتار دب، ونفس سمكة، وبصاق طائر. كان هذا الشيء خفيفا كالهواء وناعما كالحرير، وهو عبارة عن شريط طويل وحساس. أخذوا هذا إلى الذئب، وقالوا له بمكر إن هذا الحزام أقوى مما يبدو عليه. وحاولوا تمزيقه بأيديهم، واحدا تلو الآخر، ولكنه لم يخدش. كان الذئب مرتابا. وأراد أن يرفض تحديهم، ولكنه خشي أن يسخروا منه. وقال لهم إنه يشك في سوء نيتهم. ويرتاب من خداعهم. وقال إنه سيلعب هذه اللعبة لو وضع أحد الآلهة يده بين فكيه، كضمان لصدقهم وتعهدهم على حسن النية. فوضع «تير» يده على رأس الوحش الساخن، كما قد يفعل مع كلب غاضب، ثم وضع يده بهدوء في فم «فنريس». فأخذ الآلهة يلفون شريطهم المرن حول خاصرة «فنريس» وفخذه وكفه ومخالبه ورقبته وردفه. هز الوحش نفسه والتوى، فالتصق القيد به واشتد وثاقه. كان هذا أمرا لا مفر منه. وما كان لا مفر منه أيضا أنه قبض بأسنانه على يد «تير»، فقطع اللحم والجلد والعظم. شاهدت الآلهة الذئب وهو يصر بأسنانه ويبتلع، وربطوا يد «تير» المبتورة والنازفة. فحدق الذئب فيهم بغضب مستعر، وقال إنه إذا كان ممكنا أن تؤكل يد إله، فسيكون من الممكن قتل الآلهة عندما يحين وقت الذئب. وكان رد الآلهة أنهم أخذوا الحبل الذي كان جزءا من «جليبنير» - وكان اسم هذا الحبل «جيلجيا» - ولفوه حول لوح حجري ضخم اسمه «جيول». ودفعوا به إلى داخل الأرض، ثم ربطوه بصخرة ضخمة أخرى اسمها «ثفيتي». عوى الذئب بشراسة، وصر بأسنانه. فأخذت الآلهة الضاحكة سيفا ضخما ودفعوا به في فمه. بحيث استقر المقبض على لثته السفلية؛ ورأس السيف على اللثة العلوية. تلوى الوحش الضخم ألما، ووسط عوائه انبثق نهر من بين فكيه المفتوحين. وكان اسم هذا النهر هو «هوب» أي الأمل.
ولكن الأمل في ماذا؟
Неизвестная страница