Рахман и Шайтан
الرحمن والشيطان: الثنوية الكونية ولاهوت التاريخ في الديانات المشرقية
Жанры
Wise, Wisdom
واللاتيني
Video ، والألماني
Wissen . وجميعها تؤدي معنى المعرفة أو الحكمة، ورغم كل التطورات التي طرأت على الهندوسية وأشكالها اللاحقة، فقد بقيت قداسة هذه الأسفار فوق كل مساءلة، وبقي الاعتراف بها كمصدر للعقيدة هو الفاصل بين المذاهب القويمة والمذاهب الهرطقية.
على أن معتقد الفيدا ما لبث حتى أفسح المجال لمعتقد جديد هو المعتقد البراهماني، الذي حول معه معتقد الربوبية تدريجيا إلى معتقد حلولي صوفي، وذلك بتأثير طبقة البراهمانيين «أو البراهمة»، وهم فئة من الكهان كانت تشرف في الماضي على طقوس القرابين، ثم أخذت تدريجيا بتكوين مفهوم عن الألوهة مختلف تماما، والنظر إلى الآلهة الفيدية، التي كانت آلهة لمظاهر الطبيعة المختلفة، باعتبارها وجوها لحقيقة كلانية واحدة هي براهمن: المطلق غير المشخص، والقدرة الشمولية التي تسند مظاهر الكون المتبدية. وقد تطور الفكر البراهماني عبر الأسفار المعروفة بالبراهمانات، وهي تعليقات وشروح على الفيدا، بلغت ذروة نضجها في مجموعة الأوبانيشاد التي شكلت قمة من قمم التأمل الحكموي العالمي، وقد تم تأليف البراهمانات والأوبانيشادات خلال النصف الأول من الألف الأول قبل الميلاد.
البراهمانية
من خلال تفرغهم الشامل للشئون الدينية، وإشرافهم على أداء الطقوس المعقدة المصحوبة بأناشيد الفيدا، طور البراهمانيون مفاهيمهم النظرية الفلسفية عن معنى الطقس وغايته، والقوة الخافية التي تمنحه الفعل والتأثير. فالتضحية ليست قربانا يقدم للآلهة مع الصلاة والشكر، بمقدار ما هي عمل سحري يضع تحت تصرفهم القوة فوق الطبيعانية السارية في الكون برمته، والتي ينبغي على الآلهة أنفسهم أن يقدموا لها فروض الطاعة، هذه القوة فوق الطبيعانية التي تجعل السحر فعالا وممكنا هي براهمن، وكلمة براهمن في الأصل تشير إلى الصيغة السحرية المستخدمة لاستنهاض «القوة» ودفعها إلى تفعيل الأداء السحري، ثم تحولت لتصبح دلالة على القوة الخافية نفسها، وشيئا شيئا أخذت الآلهة الفيدية القديمة تفقد شخصيتها لتغدو رموزا طقسية لا أكثر، فبدلا من التأثير على «القوة» من خلال الصيغ السحرية، صار سعي البراهماني يتجه نحو التوحد مع تلك القوة القدسية الشمولية السارية في الكون، وذلك عن طريق رياضات روحية معينة واحتساء شراب السوما، مما يوصل إلى الوجد والإحساس بالتماهي مع «القوة» واكتساب قوى فوق طبيعانية، وهم في سعيهم هذا لم يظهروا أي اهتمام بتطوير الديانة الشعبية، ولم يهتموا قط بالأخلاق، لأن التفكير بالكون عندهم لا يمكن أن يقود إلى استخلاص أخلاقيات معينة، والاتحاد بالسرمدي هو عمل روحاني بحت لا علاقة له بالسلوك اليومي. من هنا كان كهنوتهم وقدرتهم الكهنوتية، لا الدين بمعناه الأوسع والأشمل، هما اللذان يشكلان موضوع تأملاتهم، فقد كان جهدهم موجها لأن ينفذوا أكثر فأكثر إلى سر الطبيعة عن طريق الممارسات الطقسية، ويتحدون به في الوجد، وهذا الاتحاد الذي يعيشه البراهماني في نوبات الوجد هو مقدمة للاتحاد النهائي مع عالم الألوهة بعد الممات، وهو بشكل ما وقف على طبقة البراهمانيين دون غيرهم من الطبقات.
مع نشوء البراهمانية بدأ أيضا نظام الطبقات الهندوسي بالترسخ في حياة الهند الدينية والاجتماعية، فقد انقسم المجتمع إلى أربع شرائح متمايزة ومستقلة، الأولى شريحة الكشاتريا وهم النبلاء، والثانية البراهمانيون من رجال الدين، والثالثة الفايسيا وهم عامة الآريين من مزارعين وحرفيين، والرابعة الشودرا أو الخدم وهم السكان الأصليون من ذوي البشرة الداكنة، ورغم أن اختلاط الطبقات الثلاثة الأولى كان يخضع لعدد من القواعد الصارمة، إلا أن الحد الفاصل بين طبقات الآريين هذه والطبقة الرابعة المؤلفة من السكان الأصليين كان صارما جدا، ومع الزمن نشأت طبقة خامسة هي طبقة المنبوذين التي اعتبرت نجسة وخارج إطار الحياة الاجتماعية كلية. ورغم أن نظام الطبقات الاجتماعية هذا قد صمم في البداية للحفاظ على نقاء عرق الشريحة الحاكمة، إلا أنه قد أعطي بعدا دينيا فيما بعد، عندما تبنت البراهمانية معتقد التناسخ ومعتقد الكارما، مما سنتعرض له في حينه بعد قليل.
كانت أسفار الأوبانيشاد قمة إنجاز البراهمانية، ورغم أن الأوبانيشاد جاء نتيجة طبيعية لجدلية الفكر البراهماني وممارساته الطقسية، إلا أنه قد عمل على إحداث تغييرات عميقة في البراهمانية، تجلت في انقلابين رئيسيين على صعيد الفكر والممارسة، الأول عزوف البراهمانيين عن الطقوس الشكلانية الخارجية واستبدال الطقوس الداخلية بها، والثاني اعتراف البراهمانيين لبقية الطبقات بإمكانية الانعتاق من العالم والاتحاد ببراهمن، تنطوي الطقوس الداخلية على عدد من الممارسات الجسدية والرياضات الذهنية، فإلى جانب النسك والتقشف وإنكار متع الدنيا والعزوف عن أي نشاط عملي سيئا كان أم صالحا، هنالك عدد من الرياضات الذهنية التي تقوم على التأمل الباطني الهادف إلى التواصل مع منبع الحقيقة والتطابق معه.
رغم أن الأوبانيشادات «فصول أو أسفار الأوبانيشاد» تختلف في تصورها للحقيقة المطلقة التي يدعونها براهمن، إلا أن الاختلافات هي من قبيل تنوع أساليب التعبير، والميل أحيانا إلى استخدام المجازات اللغوية. فبعض الأوبانيشادات تنظر إلى براهمن على أن الحقيقة الكلانية الخافية غير المشخصة، والتي لا يمكن تصورها تحت أي شكل أو صفة وخصيصة، فهو المطلق بكل امتياز، عنه نشأت الأكوان والحيوات وإليه تعود. وبعض الأوبانيشادات ينظر إلى براهمن كإله مشخص كلي القدرة والمعرفة والحضور، وكحاكم للعالم ومدبر لشئونه. هذا التناقض المتبدي على مستوى التعبير بين الألوهة غير المشخصة والألوهة المشخصة، يجد تفسيره في أوبانيشادات أخرى توحد بين وجهي الألوهة المختلفين ظاهرا والمتحدين ضمنا، فتتحدث عن براهمن في حالين، حال الخفاء وحال التجلي. فلقد أطلق براهمن الخافي نحو الخارج قوته الخلاقة الكامنة فتشكلت منها بيضة ذهبية طفت على سطح مياه السرمدية عند فجر الخليفة، ومن هذه البيضة خرج الإله الخالق برهما (لاحظ الفرق بين الاسمين: برهما وبراهمان) الذي خلق كل شيء بواسطة المايا، أي القوة الخلاقة للإله براهمان. هذا الوجه الخالق للمطلق هو الرب الذي يتوجه إليه الناس بالعبادة والصلوات، وهو بوابة عبور الوعي الإنساني نحو المطلق السرمدي الساكن.
Неизвестная страница