Мусульманские путешественники в средние века
الرحالة المسلمون في العصور الوسطى
Жанры
ولكن الرحالة والتجار المسلمين كانوا يزورون القسطنطينية والمدن التجارية في شبه جزيرة إيطاليا، وكان للمنسوجات الشرقية والسجاد سوق رائجة في أوروبا .
ومن الطريف أن بعض المسلمين كانوا يجمعون بين التجارة وطلب العلم، من ذلك أن أحد رفقاء المقدسي في السفينة إلى عدن صارحه بأنه يخشى عليه إذا دخل هذا الثغر «فسمع أن رجلا ذهب بألف درهم فرجع بألف دينار وآخر دخل بمائة فرجع بخمسمائة، طلبت نفسه التكاثر»، وانصرف عن جمع العلوم إلى التجارة. فدعا المقدسي أن يعصمه الله، ولكنه لما دخل عدن وسمع عن إثراء التجار أكثر مما قال رفيقه في السفينة، غره ذلك وعقد العزم على السفر بتجارة إلى ساحل إفريقية الشرقي، واشترى مع شريك له ما يلزم للتجارة مع تلك الأقاليم، ولم يثنه عن هذا العزم ويبقه لطلب العلم إلا موت هذا الشريك. وسيمر بنا في الصفحات التالية أن ياقوت صاحب «معجم البلدان» كان ممن رحلوا للتجارة وطلب العلم. •••
وكان بعض أمراء المسلمين يوفدون الرسل والسفراء إلى غيرهم من أمراء المسلمين، فدعا ذلك أحيانا إلى القيام برحلات طريفة إلى أصقاع لا يألفها المسلمون. من ذلك رحلة ابن فضلان إلى جنوبي الروسيا. ومن ذلك أيضا السفارة الأندلسية نحو سنة (362ه/973م) إلى أوتو الأكبر إمبراطور الجرمان. والمحتمل أن بعض أعضاء تلك السفارة كانوا مصدر ما كتبه القزويني عن بعض البلاد الألمانية.
وطبيعي أن كثيرين من المسلمين كانوا يرحلون سعيا في طلب الرزق. وحسبنا أن نشير إلى الخياط البغدادي الذي قابله الرحالة ابن فضلان في إقليم الفولجا. ثم كان أعلام الفنانين ومهرة الصناع ينتقلون من إقليم إلى آخر لينتفع الأمراء بجهودهم؛ أو كانوا يؤمرون بالسفر إلى بعض الأطراف النائبة، للاشتراك في المنشآت الجديدة، أو المساهمة في تجديد بناء أو زخرفة عمارة أو إنتاج التحف الفنية النفيسة.
ولسنا ننسى في هذه المناسبة أن إكرام الضيف عند الشرقيين، وبساطة العيش في القرون الوسطى، وحث الإسلام على السفر بتخفيف بعض الواجبات الدينية على المسافرين، كل ذلك سهل الرحلات وشجع على القيام بها. •••
ومن المحتمل أن إباحة تعدد الزوجات في الإسلام كانت تخفف بعض متاعب الأسفار، ولا تجعل الرحالة المسلمين محل شكوك أو مصدر متاعب اجتماعية. فكان بعضهم يتزوج في البلاد التي ينزل فيها فترة من الزمن. ومن الطريف في هذا الصدد أن الرحالة ابن بطوطة تزوج في مصر مرتين على الأقل، وكانت له في جزائر الملديف أربع زوجات. وقد كتب عن هذه الجزائر: «والتزوج بهذه الجزائر سهل، لندارة الصداق، وحسن معاشرة النساء ... وإذا قدمت المراكب تزوج أهلها النساء. فإذا أرادوا السفر طلقوهن. وهن لا يخرجن عن بلادهن أبدا ... ولم أر في الدنيا أحسن معاشرة منهن. ولا تكل المرأة عندهم خدمة زوجها إلى سواها؛ بل هي تأتيه بالطعام، وترفعه من بين يديه، وتغسل يده، وتأتيه بالماء للوضوء، وتغم رجليه عند النوم. ومن عوائدهن ألا تأكل المرأة مع زوجها. ولا يعلم الرجل ما تأكله المرأة. ولقد تزوجت بها نسوة؛ فأكل معي بعضهن بعد محاولة، وبعضهن لم تأكل معي، ولا استطعت أن أراها تأكل.» وكذلك أعجبه من نساء مدينة زبيد باليمن «أن للغريب عندهن مزية؛ ولا يمتنعن من تزوجه، كما يفعله نساء بلادنا (أي: المغرب). فإذا أراد السفر خرجت معه وودعته. وإن كان بينهما ولد فهي تكفله، وتقوم بما يجب له، إلى أن يرجع أبوه. ولا تطالبه في أيام الغيبة بنفقة ولا كسوة ولا سواها. وإذا كان مقيما، فهي تقنع منه بقليل النفقة والكسوة. لكنهن لا يخرجن عن بلدهن أبدا. ولو أعطيت إحداهن ما عسى أن تعطاه، على أن تخرج من بلدها لم تفعل». •••
ومن القصص الطريفة التي تشهد باتساع الأسفار الإسلامية قصة رواها الرحالة ابن بطوطة الذي سيلي ذكره في هذا الكتاب. وتشير هذه القصة إلى أن الرحالة المسلم كان يعثر أحيانا في أبعد آفاق المعمورة عن بلاده على مواطن له من التجار أو السياح. قال ابن بطوطة في كلامه على إقامته بمدينة قنجنفو بالصين: «وبينما أنا يوما في دار ظهير الدين القرلاني، إذا بمركب عظيم لبعض الفقهاء المعظمين عندهم، فاستؤذن له علي. وقالوا: مولانا قوام الدين السبتي؛ فعجبت من اسمه. ودخل إلي. فلما حصلت المؤانسة بعد السلام، سنح لي أني أعرفه. فأطلت النظر إليه. فقال: أراك تنظر إلي نظر من يعرفني! فقلت له: من أي البلاد أنت؟ فقال: من سبته (على شاطئ مراكش في مواجهة جبل طارق). فقلت له: وأنا من طنجة. فجدد السلام علي، وبكى حتى بكيت لبكائه. فقلت له: هل دخلت بلاد الهند؟ فقال لي: نعم، دخلت حضرة دهلي. فلما قال لي ذلك تذكرت له. وقلت: أأنت البشري؟ قال: نعم. وكان وصل إلى دهلي مع خاله أبي القاسم المرسي، وهو يومئذ شاب لا نبات بعارضيه من حذاق الطلبة يحتفظ الموطأ. وكنت أعلمت سلطان الهند بأمره، فأعطاه ثلاثة آلاف دينار، وطلب منه الإقامة عنده فأبى. وكان قصده في بلاد الصين. فعظم شأنه بها واكتسب الأموال الطائلة. أخبرني أن له نحو خمسين غلاما ومثلهم من الجواري. وأهدى إلي منهم غلامين وجاريتين وتحفا كثيرة. ولقيت أخاه بعد ذلك ببلاد السودان. فيا بعد ما بينهما!» •••
وهكذا نرى أن المسلمين في العصور الوسطى أتيح لهم القيام بكثير من الرحلات والأسفار. والحق أن ما كتبه المؤلفون المسلمون فيما بين القرنين الثالث والتاسع بعد الهجرة (التاسع والخامس عشر بعد الميلاد) عن الرحلات كثير جدا، ولكن المعروف أن الرحالة لم يكتبوا أخبار رحلاتهم في مؤلفات قائمة بذاتها إلا نادرا. أما معظمهم فقد أدمجوا حديث تلك الرحلات فيما ألفوه من كتب التاريخ أو تقويم البلدان. كما أشار بعض المؤلفين إلى رحلات قام بها غيرهم ولم يصل إلينا شيء عنها من تأليف أصحابها أنفسهم. وفضلا عن هذا كله فثمة رحلات قام بها الملاحون التجار ضاعت أخبارها أو لم يدونها أصحابها، وإن كانوا من المصادر التي نقل عنها المؤرخون والجغرافيون الكثير من وصف البلاد النائبة، والتي يرجع إليها ما نراه من قصص البحر في الأدب العربي مثل قصة السندباد البحري.
سلام الترجمان
إن رحلة سلام الترجمان إلى سور الصين الشمالي قد تكون حقيقة تاريخية، وإن كان سببها الذي يذكره الجغرافيون العرب - كالقزويني وياقوت - على لسان الرحالة نفسه، أشبه بأسطورة خيالية. والظاهر أن حديثها كان مشهورا في العصور الوسطى. وقصة هذه الرحلة أن سلاما الترجمان يزعم أن الخليفة العباسي الواثق بالله (227-232ه/842-847م) رأى في المنام أن السد الذي بناه الإسكندر ذو القرنين (والذي يقع بين ديار المسلمين وديار يأجوج ومأجوج) مفتوح؛ فأرعبه هذا المنام، وأمر سلاما بأن يرحل ليتفقد السد. فسار الترجمان من مدينة سر من رأى، ومعه خمسون رجلا ومائتا بغل تحمل الزاد والماء، وكان الخليفة قد أعطاه كتابا إلى حاكم أرمينية ليقضي حوائجهم ويسهل مهمتهم. فعني هذا الحاكم بالرحالة ورجاله، وزودهم بكتاب توصية إلى حاكم إقليم السرير. وكتب لهم هذا الحاكم إلى أمير إقليم اللان. وكتب هذا الأمير إلى فيلانشاه. وكتب لهم فيلانشاه إلى ملك الخزر في إقليم بحر قزوين؛ فوجه معهم خمسة من الأدلاء وسار الجميع ستة وعشرين يوما؛ فوصلوا إلى أرض سوداء كريهة الرائحة وكانوا قد حملوا معهم بإشارة الأدلاء خلا لتخفيف هذه الرائحة. وسار الركب في تلك الأرض عشرة أيام ثم وصلوا إلى إقليم فيه مدن خراب، وساروا فيها سبعة وعشرين يوما. وقال الأدلاء: إن شعب يأجوج ومأجوج هو الذي خرب تلك المدن. وانتهوا إلى جبل فيه السور المنشود. وعلى مقربة منه حصون تسكنها أمة مسلمة تتكلم العربية والفارسية؛ ولكنها لم تسمع بخليفة المسلمين قط. وتقدم الركب إلى جبل لا نبات عليه يقطعه واد عرضه مائة وخمسون ذراعا. وفي الوادي باب ضخم جدا من الحديد والنحاس، عليه قفل طوله سبعة أذرع وارتفاعه خمسة، وفوق الباب بناء متين يرتفع إلى رأس الجبل. وكان رئيس تلك الحصون الإسلامية يركب في كل جمعة ومعه عشرة فرسان، مع كل منهم مرزبة من حديد، فيجيئون إلى الباب ويضربون القفل ضربات كثيرة؛ ليسمع من يسكنون خلفه، فيعلموا أن للباب حفظة، وليتأكد الرئيس وأعوانه الفرسان من أن أولئك السكان لم يحدثوا في الباب حدثا.
Неизвестная страница