أحمد بن إبراهيم بن عبد الغني بن أبي إسحاق العباسي، شمس الدين السَّرُوجِي الحنفي، من الثامن. ولد سنة سبع وثلاثين وستمائة أو بعدها. وتفقه على مذهب أحمد، فحفظ بعض المقِنع. ثم تحول حنفيًا فحفظ الهداية. وأخذ عن الشيخ نجم الدين أبي الطاهر إسحاق بن علي بن يحيى، وصاهره على ابنته وأخذ عن القاضي صدر الدين بن العز وغيرهما وبرع في المذهب، وأتقن الخلاف، واشتغل
في الحديث والنحو، وشارك في الفنون، وصار من أعيان الفقهاء، وشرع في شرح على (الهداية) أطال فيه النَّفَس، وهو مشهور ولم يكمل، وتكلم فيه على الأحاديث وعللها.
وكان قد سمع الحديث من محمد بن أبي الخطاب ابن دحية وغيره. فلما مات معز الدين النعمان قُرِّر في قضاء الحنفية وذلك في شعبان سنة إحدى وتسعين وستمائة.
وحكى عنه أن شرب ماء زمزم لولاية القضاء فحصل له. ثم صرف في سلطنة المنصور لاجين في سنة ست وتسعين بالحسام الرازي، ثم أعيد في أول ذي الحجة سنة ثمان وتسعين بعد قتل لاجين، بعناية الأمير بيبَرْس الجَاشْنَكِير. واستمر إلى أن صرف حين عاد الناصر من الكَرك، فاستقر عوضه شمس الدين محمد بن عثمان الحريري، فانتزع منه جميع ما معه من التداريس. فسعى فِي أن تبقى معه الصالحية والسكن بها. فأجيب إلى ذلك فغضب الحريري وأخرجه من الصالحية قهرًا، وذلك في ربيع الآخر سنة عشر وسبعمائة. فتألم ومرض فمات في شهر رجب.
وكان مشهورًا بالمهابة والعفة، والصيانة والسماحة، وطلاقة الوجه، مع عدم مراعاة أصحاب الجاه، فلما عزل لم يجد معه من يساعده. ولعل الله أراد به خيرًا وادّخر له ذلك عنده.
1 / 41