ومما يسألون عنه ويكذبون به في قولهم قول الله عز وجل فيما يحكي عن الفاسقين من القول، والإقرار على أنفسهم في يوم الدين من قوله سبحانه: { ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين } [سبأ: 31]، ولو كانوا أتوا من قبل الله، لقالوا: لولا الله لكنا مؤمنين؛ ولكن ذلك اليوم يوم لا يقال فيه إلا الحق، ولا ينفع فيه إلا الصدق. فماذا تقول القدرية المجبرة، أهو كما ذكر الله عمن يقول ذلك، أم لا؟ فإن قالوا: بل هم كاذبون، وإنما أتوا من قبل الله لا من قبل المشركين من إخوانهم المجرمين؛ فقد قالوا باطلا وزورا، وقد أكذبهم المستكبرون في قولهم؛ لأنهم يزعمون أن المستضعفين من قبل الله أتوا وصدوا، وقد قال المستكبرون للمستضعفين في ذلك اليوم وفي ذلك الموقف مجيبين، وكلتا الفريقين المستضعفين والمستكبرين لم يقولوا بما قالت القدرية، بل كلتاهما برأت الله من ذلك سبحانه وجل جلاله، ولم يقولا فيه بقول القدرية.
Страница 324