Властелин времени: Книга и дело
رب الزمان: الكتاب وملف القضية
Жанры
بعد تلك الأحداث التي تدافعت على صفحات الزمن العثماني بكتب السير والأخبار، وما انتهت إليه من نتائج حتمية صبت الأمر كله بيد البيت الأموي المنتصر، يصر دعاة القداسة الغير المعصومين، على البحث عن أسباب خارج التاريخ، ويهرولون وراء شيء اسمه «ابن سبأ» يمسكون بتلابيبه ليجعلوا منه شخصا فريدا فذا عبقريا، تغلب قدراته حكمة الأمة جميعا، وتدهم الصحابة ولم تزل آثار النبوة باقية بينهم، ليظهروا مسلوبي الإرادة والعقول، وهو الأمر الذي يزري بتلك الأمة إن صدقناه، ويبعدنا عن بحث الأسباب الموضوعية لأحداث تاريخنا، مما يجعل ذلك المنهج في التفكير قائما يفرش ظله السحري على حياتنا دون أن نلتفت إلى الأسباب الحقيقية لكبواتنا، ونطمئن إلى أوهامنا سادرين في السمادير ونحن نهوي إلى قاع الأمم، بينما نظرة ناقدة فاحصة لكتب الأخبار تكشف ببساطة أن رواة الأخبار المتقدمين، لا ذكر لابن سبأ عندهم، فلا تجده عند ابن سعد في طبقاته الكبرى، على كثرة ما بها من دقائق السرد وتفاصيل الأحداث والشخصيات، كما لا تجده أيضا معلوما من البلاذري، وهما أهم المصادر بشأن فتنة عثمان، وكان أول ما ذكره الطبري عن رواية لسيف بن عمرو يأخذها عنه المؤرخون من بعد، ممن ذهبوا مذهب صاحب البلاغ؛ لإيجاد تفسير يرضي هواهم في تنزيه الصحابة وتقديسهم.
وبصدد قصة عثمان جمع أهل السير والأخبار تقريبا أهم الأسباب الموضوعية التي أدت للفتنه، والتي ذكرنا طرفا منها، وكانوا موضوعيين أكثر من أصحابنا هذه الأيام، ناهيك عن إشارتهم بالتلميح تارة وبالتصريح أطوارا، للمحرضين الحقيقيين، ونماذج لذلك ما رأيناه فيما سبق، إضافة إلى كون عثمان قد استعدى ضده نفرا من الناس ذوي التأثير البالغ، فقد استعدى عمرو بن العاص عندما غمزه في ذمته وهو أحد دهاة العرب الكبار، ثم سار هو وولاته سيرة خشنة مع أهل الأمصار، وهو ما استنفرهم كما استنفر حاسة الحق والإنسان داخل الصحابة في المدينة، ومعلوم أن ثورة المصريين كانت بسبب اشتداد الولاة عليهم، مع عامل آخر، حيث نجد محرضين حقيقيين لا وهميين، مثل محمد بن أبي حذيفة، ومحمد بن أبي بكر الصديق، اللذين تركا المدينة وذهبا إلى مصر تحديدا، ليحرضوا الناس على الثورة، ثم انضم إليهما بعد ذلك عمار بن ياسر.
ثم جاءت قمة الأحداث عند جمع المصحف وإبقاء صحف وإحراق أخرى، مما أدى إلى معارضة الصحابي الجليل حبيب رسول الله «ابن مسعود»، وتنديده بما يفعل عثمان بآيات الله، حتى أمر عثمان بإخراجه من المسجد وضربه حتى كسرت أضلاعه، ثم حدد إقامته بالمدينة، حتى حصب عثمان مع الحاصبين من ثوار مصر وأهل المدينة وهو على المنبر.
وفي كتبنا الإخبارية لا تبدو المدينة بمعزل عن التمرد والاحتجاج، بل نجد المدينة ذاتها والصحابة أنفسهم هم أساس المعارضة المنكرين لسياسة عثمان، بل تجد صهر عثمان، «عبد الرحمن بن عوف» الذي سبق ورشح عثمان للخلافة ، وقد أصبح من كبار المعارضين لعثمان، وكان يحرض على قتله، وهو أحد رجالات الهيئة التي رشحها عمر بن الخطاب للخلافة، وهو بذلك ليس خارجا فبقية رجال تلك الهيئة كانوا على ذات الحال، ولهم مواقف مشابهة؛ فطلحة بن عبد الله شارك بنفسه في حصار عثمان، كذلك سعد بن أبي وقاص شارك في الثورة، أما الزبير بن العوام فقد اكتفى مع منح وأعطيات عثمان الجزيلة بالنصح له، أما علي فكان معارضا للخلفاء الثلاثة على سواء، وقاوم عثمان أكثر من مرة خصوصا بشأن الأموال التي كان يأخذها من بيت المال، وسبق وعلمنا رأي أبي ذر وعمار بن ياسر.
فأين ابن سبأ من هذا؟
ومن المفتري بالله عليكم؟
محمد الغزالي وسقوط الأقنعة!1
الشيخ محمد الغزالي منزعج هذه الأيام بشدة ممن ناقشوا موضوع «الردة» بعدما أفصح عنه الشيخ في محاكمة القتيل (وليس القاتل)، وبعدما ردوه عليه على المستوى الفقهي والتشريعي، خاصة وأن الشيخ كان رمز الهزيمة النكراء في المناظرة التي جرت أمام الدكتور فرج فودة، وأن الشيخ ذاته هو من جاء الآن ليحكم على ضمير رجل ميت، لإدانة القتيل وتبرئة القاتل، وما يمكن أن يلحق الموقف مما قد تهجس به النفس بين الأمرين، عن صاحب القرار الخفي وراء مقتل الدكتور فرج.
ويبدو أن مزعجا جديدا بدأ يقلق راحة الرجل، حتى دفعه إلى نسيان حذره وتقيته، التي أشاعت عنه حينا شائعة الاعتدال، فخرج عن حذره ليقول في صحيفة الشعب (عدد 7 سبتمبر 1993م): «إن من يناقشون حد الردة، يطلبون من علماء المسلمين فتوى تبيح الارتداد وتنسى عقوبته، لتقرير حرية الكفر والإيمان والسكر والنهب والسلب، وهم بذلك يصيحون: افتحوا أبواب الحانات ودعونا نلتقي بالنساء كما نشاء، وأن الآية التي يحتجون بها
فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
Неизвестная страница