Рабб Тавра
رب الثورة: أوزيريس وعقيدة الخلود في مصر القديمة
Жанры
ورأت الجماهير كل الآمال في السيادة والعدالة والمساواة تتبخر أمامها، عندما استتب الأمر لحكام الأقاليم، فأخذوا يستغلون قوتهم في الضغط على الجماهير، والإثراء على حسابها بعسف وإرهاب، تجاوز كل ما حاق بالناس من قبل، وبدأت الثورة الشاملة فعلا تتحول لتصبح تدميرا لا محدودا، حتى قطعت الجماهير الجائعة الطرق على الأثرياء، واقتحمت العصابات المسلحة أقدس الأماكن الأونية، حتى الأهرام لم تمنعها قدسيتها من الثوار،
12
ولم يصبح العالم الخالد شيئا مخيفا، فاقتحموا على الموت سكونه، وسلبوا الراقدين في سبات الأبدية ثروات أصبح الأحياء الجياع أولى بها من أموات ماتوا تخمة وشبعا.
وقد شجع ذلك على ظهور اتجاه ثوري جديد ذي ميول متطرفة، أخذ جانب التشكك، ثم التحرر، فالإلحاد التام بكل المقدسات. أخذ مظهره فيما سلف من تهجم وتهكم على الآلهة،
13
أو ما جاء على لسان الفلاح الفصيح، عندما صاح فيه النبيل النهاب قائلا: «لا تكن كثير الضوضاء هكذا يا فلاح، ألا ترى أنك في منزل إله السكون»، فرد عليه بعنف يحمل معنى هذا الاتجاه، صارخا: «أتضربني وتسرق متاعي، ثم تريد أن تحرم فمي من مجرد الصياح؟! إذا؛ «يا إله السكون، هل لك أن تعيد لي ممتلكاتي؟ إذا فعلت فسوف لا أصيح حتى لا أزعجك».»
14
وقد اقترن هذا الإلحاد المتحدي للغيبيات، برفض الاعتقاد بخلود العنصر الإلهي، وبالعالم الخالد ككل - ما دام عالما ملكيا خالصا - وضح في قطعة أدبية رائعة تسمى أغنية العازف على الهارب، استطاع صاحبها المجهول، أن يلقيها قنبلة بكل الجرأة الثورية المطلوبة - في حفل ملكي مهيب، أمام المقابر الهرمية الهائلة؛ يقول ذلك الثائر المتحدي في مقطع منها:
تأمل مساكنهم هنالك؛
فإن جدرانها قد تهدمت، «ولم يأت أحد من هنالك»
Неизвестная страница