172

Рабб Тавра

رب الثورة: أوزيريس وعقيدة الخلود في مصر القديمة

Жанры

إن الانفعال الحق، هو الذي يتجه إلى كل ما هو جديد، لا إلى مجرد الخلاص من كل ما هو بال عتيق؛ فهو يؤدي إلى استيقاظ قوى غير متوقعة في الأفراد، بل هو يؤدي إلى تغير نظرة الناس إلى الآلهة ذاتها.

بوركارت

انتهت الفصول السابقة إلى اكتشاف ثورة عارمة شملت البلاد، بدأت نظريا إبان بناء الأهرامات الكبرى، في عهد الأسرة الرابعة، ثم ظهرت نذرها العملية عندما بدأ تمرد النبلاء في الأسرة الخامسة، واستقلالهم بأقاليمهم عن العاصمة الملكية، حتى تفجرت شعبيا تفجرا شاملا، في عهد بيوبي/بيومي الثاني، آخر ملوك الأسرة السادسة.

وفي غمرة هذه الأحداث، ظهر - مصاحبا لها - في الأسرة الرابعة، إله جديد هو الإله أوزير، الذي أخذ يقوى ويشتد منذ أواسط الأسرة الخامسة، إلى الحد الذي دخل به إلى الأهرام؛ ليسجل مع أتباعه في متونها، إلى جوار سيد الآلهة رع الأوني وينتهي إلى السيادة الدينية على كل أرجاء مصر، في عصر الدولة الوسطى.

وهنا بالضبط نرى أعظم أسرار الثورة، وأكبر الآثار التي تركتها أحداث السياسة والصراع الاجتماعي على الديانة المصرية؛ لأن المعنى يصبح: إن الثورة النظرية في الأسرة الرابعة، لم تكن سوى عقيدة أوزير ذاتها، ظهرت كنوع من الاحتجاج أو التمرد السلبي، في عصر عمل فيه كل الأفراد في أعمال السخرة؛ لبناء مقر خلود الملك، وكان منطقيا أن تتمرد الجماهير، وأن تنتشر بين جموعها الأفكار الثورية.

ولما كانت الدولة القديمة لا تزال في عنفوان جبروتها ومجدها؛ فقد اتخذت هذه الثورة مظهرا سلبيا في اعتناق عقيدة تخالف العقيدة الحكومية، وكان طبيعيا أن يصنع خيال الحكماء الشعبيين في وقت المحنة والمظلمة، إلها يشاركهم محنتهم ومظلتهم، فيموت غيلة وعسفا، وتنطبع الأسطورة الأوزيرية بطابع جديد كل الجدة على الفكر المصري، فتحول كل همها نحو الفقراء ومشاكل العوز والحاجة، وآمال الدهماء وطموحاتهم، بل أضفت على الطبقة الفقيرة كل القيم الخلقية النبيلة، بينما سلبتها من الطبقة الغنية الممتازة، وفي ثنايا أسفار الأسطورة الطويلة أحداث تزايدت وتراكمت بمرور الزمان، وباختلاف الأحداث، لكنها بشكل عام تظهر هذا الاتجاه بشكل يتضح تدريجيا وبإصرار، فمثلا عندما سقط الطفل الإلهي حور صريع السم، هرعت به أمه إيزي تبحث عن ملجأ ومأوى ومداو، فأوصدت المرأة الغنية أبواب قصرها في وجه الأم ووليدها المحتضر، مصورة ذلك بكل الخسة الممكنة، ولم يعد أمام الأم الإلهية إلا أن «استصرخت أهل المناقع القريبين منها، فواساها فقراؤهم، وهرعوا إليها بقلوبهم، وتركوا بيوتهم.»

1

وتلقت الطفل امرأة فقيرة، وفتحت له وللأم أبواب حظيرتها، وخففت عن الأم محنتها، وسهرت على الطفل حتى عوفي - مع تصوير موقف كل الفقراء بصورة خلقية سامية رفيعة - وبينما تقوم العقارب بلدغ ابن الغنية البخيلة حتى الموت، تتخذ الإلهة إيزي قرارها واضح المعاني ف «تكافئ الفقيرة المضيافة، وتلقي درسا على الثرية البخيلة، فأمرت هذه الأخيرة أن تتنازل عن ثروتها لصالح الفقيرة التي وسعتها في حظيرتها، ثم عقبت على مصير البخيلة بقولها للسامعين:

انظروا.

لقد ابتلعت لعابها،

Неизвестная страница