وكيفما كان الأمر فإننا إذا استثنينا مهر العروس وما إليه من الهدايا والألطاف، وإذا استثنينا معه نفقات العرس وأسبابه، فإن هذا الضيف الجديد لا يجشم وظيفة دائمة، ولا نفقة راتبة أو على التعبير الإفرنجي، لا يكلف أي
consommalion .
ولا ننسى - مع ذلك - أنها ستقوم بنصيب جليل في خدمة الدار إن لم تستقل بها جميعا: كالعجن والخبز، والطبخ، وغسل الثياب، وجندرتها، وكنس الدار، ونفض الأثاث، وصنع القهوة وتقديمها للضيفات ... إلخ.
وقد يكون من قسمها أيضا القيام على خدمة الصغار من إخوة الزوج وأخواته، إذا كان له إخوة أو أخوات صغار!
الخطبة
وفي النهاية سيرضى الأب بتزوج ابنه وأنفه في السحاب، أو أنفه في التراب! وسرعان ما تذكي الأم الخاطبات محترفات أو صديقات في التماس العروسة الحلوة في بيوت الأكفاء، حتى إذا عدن إليها بالخبر أرسلت إلى أم العروس من تعين معها موعدا لرؤية فتاتها، وفي هذا الوعد تمضي الأم وبنتها المتزوجة وأختها، وقد تستصحب بعض جاراتها من الصاحبات والمواليات، ولا تسقط من عدة الوافدات الخاطبة المحترفة إذا كانت الريادة لخاطبة محترفة يمضي كل هؤلاء إلى دار العروس، وقد أخذن زينتهن وتحلين بأغلى حليهن وأضفين عليهن برود الحبر، فإذا لم يكن لهن شيء من ذلك استعرنه من بعض الصديقات المترفات.
ويحسن بنا وقد بلغنا هذا الموضوع أن نسلخ بعض الحديث للفتاة المخطوبة، قبل أن ينالها الوافدات بالتوسم والتصفح والقياس والتقليب.
قل من كانوا يدفعون بناتهم للتعليم في المدارس، بل لم يكن هناك تعليم مدرسي للبنات البتة قبل خمسين عاما؛ أي قبل قيام المدرسة السنية، فالطبقة الأرستقراطية كانت تعلم بناتها في القصور، أما الطبقة الوسطى وهي الطبقة التي ندير عليها الكلام في هذا الحديث، فأكثر أهليها كانوا يشخصون بناتهم الصغار إلى «المعلمة»، وهذه «المعلمة» امرأة تخيط الثياب لمن شاء من أهل الطبقتين الوسطى والدنيا، وتتخذ من دارها شبه مدرسة تعلم البنات فيها هذه الصناعة بقدر، فإذا ربت الفتاة وبلغت سن المراهقة كفها أولياؤها في الخدر تعالج فيه مع أمها شئون البيت، ولا تزال كذلك في انتظار «العدل»، و«العدل» بفتحتين، يعني به النساء الزوج الكفء، الذي يكفل ويغني ويسعد ويهني، ومن هذا الوادي قولهم: «ربنا ما يعطي القحف عدل.» يدعون على الجلف الوضيع الفظ بألا يمكنه الله من جاه ولا سلطان؛ لأنه إنما يتخذهما أداة للسلاطة والعدوان!
يتلقى أهل البيت الواردات بأحسن مظاهر التأهيل والترحيب، وقد سبقوا فنظفوا الدار وأحسنوا تنضيض الأثاث، ودفعوا فتاتهم إلى الحمام فأحسنوا جلاءها وصقلوا عارضيها، وقلموا أظافرها ورتلوا شعر رأسها ومشطوه، ونضدوا على الجبين مقدمه، وضفروا سائره ضفيرتين ثم ألبسوها أجمل الثياب، وحلوها ما أسابوا من لبات وأساور وأقراط وخواتم.
ويبدأ بتقديم «الشربات» تطوف به امرأة أو شابة أو فتاة من فتيات الدار، أو خادم من خدمة البيت، أو من خدم الجار.
Неизвестная страница