Кутб Сурур в описании вин и спиртных напитков
قطب السرور في أوصاف الأنبذة والخمور
معنى قوله: فنشرب ما شربنا، البيت، وصفهم بطهارة الأخلاق وأنه لا يخرج أحدٌ منهم إلى أن يطلق يده، ولا لسانه على جليسه، وهذا حسن وأمدح من قول حسان:
نوليها الملامة إن ألِمنا ... إذا ما كان مغث أو لِحاءُ
وللعطوي أشعار كثيرة في النِّدام كلُّها مختارة، فمنها قوله:
يقولون قبل الدار جارٌ موافق ... وقبل الطريق النهج أُنسُ رفيقِ
فقلت وندمان الفتى قبل كأسِه ... فما حثَّ كأسَ المرءِ مثل صديقِ
وقال أيضًا:
ما حثَّ كأسك كالصديق الوامِقِ ... ونفى همومك كالشراب العاتِقش
الكأسُ والندمان أحسن منظرًا ... من كل ملتف الحدائق رائِقِ
فإذا جمعت صفاءَها وصفاءَه ... فاقذف بكل ملَّمةٍ من حالِقِ
ومثله قول الآخر:
ورضيع راضعت في كبر السنِّ أخًا لديَّ مُطاعا
لم يكن بيننا رِضاعٌ ولكن ... صيَّرت بيننا الكئوس رِضاعا
قالوا: وليس أحد من أصحاب الملوك ولا من خلطائهم هو أولى باجتماع محاسِنِ الأخلاق وأفاضل الآداب وطرائف الملح وغرائب النتف من النديم، حتى إنه يحتاج أن تكون فيه أشياء متضادة، فيكون فيه مع شرف الملوك تواضعُ العبيد، ومع عفاف النسَّاك، مجون الفُتَّا، ومع وقار الشيوخ مزاح الأحداث وكل واحدةٍ من هذه الخلال هو مضطر إليها في حالٍ لا يحسن أن يُخِلَّ بها، ووقتٍ لا يسعه العدول فيه عنها، وإلى أن يجتمع له من قوة الخاطر ما يفهم به ضمير الرئيس الذي ينادمه على حسب ما يتلوه من خلائقه، ويعلم من معاني لحظه وإشارته ما يغنيه عن تكلف عبارته فيسبقه إلى إرادته ويبدُرُهُ إلى شهوته كما قال بعض الكتاب:
ونديم حلو الحديث يجاريك بما تشتهيه في ميدانِك
ألمعيٌّ كأنَّ قلبَكَ في أضلاعه أو كلامه بلسانِك
وكما قيل: إن غلامًا كان يحضر مجلس الواثق، قائمًا برسم نديم، وكان صغير السنّ، فلم يكن لهذه العلة، يُلحقه في الجلوس بمراتب الشيوخ والأكابر، وكان مع ذلك قد أُذن له في المفاوضة معهم في كل ما يخوضون فيه، والتكلم بما اعتلج في صدره، من مثلٍ سائرٍ، أو بيتٍ نادرٍ، وحديثٍ ممتعٍ وجواب مُسرعٍ، فقال الواثق: وكان من شدة الشهوة للطعام على الحال المشهورة، ما تختارون في النقل؟ فبعض قالوا: نبات، وقال بعض: رمّان، وقال بعض: تفاح، وقال بعض: قصب سكر في ماء ورد، ويعضٌ تناعص فقال: ملح يعطى تحففًا بمذاههب النبيذيين، فقال: ما صنعتم شيئًا، فما تقول أنت يا غلام، فقال: خشكنانِك مُتَنَّر، فوافق بذلك إرادته وأصاب به ما كان في نفسه، فقال له: أصبت وأحسنت، اجلس بارك الله عليك، فكان ذلك أول جلوسه. وكما فعل بعض ندماء بشر بن مروان بحسن قريحته ولطف حيلته، وكان عبد الملك بن مروان ولَّى بشرًا الكوفة ووجَّه معه روح بن زنباع الجذامي وقال له: يا بنيَّ، روحٌ عمُّك، فلا تقطع أمرًا دونه لصدقه وعفافه ومحبته لنا أهل البيت، وقال لروح أخرج مع ابن أخيك فخرج معه حتى قدم الكوفة، وكان بشرٌ أديبًا ظريفًا أريبًا يحب الشعر والسَّمر والسَّماع والنِّدام، فراقب روحًا، واحتشم منه وقال لندمانه: أخاف أن يكتب هذا إلى أبي بأخبارنا فيقبل منه، وإني لأُحب من الأُنس والاجتماع ما يحبه الشباب، ولكني أجتنب ذلك لمكانه، فضمن له بعض ندمائه أن يكفيه أمره، ويردَّه إلى عبد الملك، من غير سخط ولا لائمة، فسرَّ بذلك ووعده المكافأة عليه بأعظم الحِباء، وكان روحٌ غيورًا، إذا خرج من منزله أقفله ثم ختمه بخاتمه حتى يعود إليه فيفضّه بيده، فأخذ الفتى دواةً وقلمًا ثم أتى باب روحٍ ممسيًا فقعد بالقرب منه مستخفيًا، وخرج روحٌ للصلاة، فتوصل الفتى إلى أن دخل الدهليز وكمَنَ تحت درجةٍ فيه، وعاد روحٌ ففتح الباب ثم أغلقه على نفسه ودخل، فعمد الفتى إلى الحائط فكتب في أقرب المواضع من مَمَرِّ روح:
يا روح من لُبنَيَّاتٍ وأرملةٍ ... إذا نعاك لأهلِ المشرقِ الناعي
إن ابن مروان قد حانت منيَّتُهُ ... فاحتل لنفسِك يا روح بن زنباع
ولا يغرك أمرٌ قد ظفرت به ... واسمع هُديت مقال الناصح الداعي
1 / 72