Пища сердец
قوت القلوب
Редактор
د. عاصم إبراهيم الكيالي
Издатель
دار الكتب العلمية - بيروت
Издание
الثانية
Год публикации
١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م
Место издания
لبنان
رحمك اللّه وكان عمر ﵁ قد كتب إلى أهل حمص أن عدوا لي فقراءكم فسمّوا له في الكتاب نفرًا وذكروا فيهم سعيد بن جذيم ويقال: بل عمير بن سعد فقال عمر: من سعيد بن جذيم؟ فقالوا أميرنا يا أمير المؤمنين، قال: أو فقير هو؟ قالوا: نعم ما فينا أفقر منه، قال: فما فعل عطاؤه قالوا: يخرجه كلّه لا يترك لنفسه ولا لأهله شيئًا منه، فوجه إليه عمر ﵁ بأربعمائة دينار وسأله أن ينفقها على نفسه وأهله، فلما وصلت إليه دخل على زوجته وهو يبكي فقالت له ما شأنك؟ مات أمير المؤمنين؟ قال: أعظم من ذلك قالت: فتق فتق في المسلمين؟ قال: أشدّ من ذلك، قالت: فما هو؟ قال: أتتني الدنيا قد كنت مع رسول الله ﷺ فلم تفتح الدنيا عليّ وكنت في أيام أبي بكر ﵁ فلم تفتح الدنيا عليّ وخلفت إلى أيام عمر ﵁ ألا وشّر أيامي أيام عمر، ثم حدثها فقالت: نفسي فداؤك فاصنع بها ما بدا لك فقال: أو تساعديني على ما أريد؟ قال: نعم، قال: أعطيني خلق ذلك البرد قال: فجعل يمزقه ويصرها فيه صررًا ما بين العشرة والخمسة والثلاثة حتى أفناها ثم جعلها في مخلاة وتأبطها وخرج فاعترض جيشًا من المسلمين يريدون الغزو فجعل يدفع إليهم صرّة صرّة على نحو ما يرى من حالهم ثم رجع ولم يترك لأهله منها دينارًا؛ فهذه كانت شمائل جملة أصحاب رسول الله ﷺ والتابعين لهم بإحسان رضي الله تعالى عنهم.
وروينا في حديث عياض بن غنم عن النبي ﷺ في وصف الأخيار: إن من خيار أمتي فيما أنبأني الملأ الأعلى قوم يضحكون جهرًا من سعة رحمة ربهم ويبكون سرًّا من خوف عذابه مؤنتهم على الناس خفيفة وعلى أنفسهم ثقيلة يلبسون الخلقان ويتبعون الرهبان، أجسامهم في الأرض وأفئدتهم عند العرش، وفي حديث أبي الدرداء ﵁ لما وصف الأبدال قال: فقلت له: فكيف لي أن أكون بهذا الوصف وأنّى لي أن أكون مثلهم؟ فقال: يا ابن أخي ما بينك وبين أن تكون في أوّل ذلك وأوسطه إلا أن تزهد في الدنيا فتعاين الآخرة بقلبك فتعمل لها.
وروينا في الخبر: أن الله تعالى يحبّ المبتذل الذي لا يبالي ما لبس، وقال الثوري وفضيل رحمهما الله تعالى: جعل الشر كلّه في بيت وجعل مفتاحه الرغبة في الدنيا، وجعل الخيركله في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا، وسئل يوسف بن أسباط وسفيان الثوري رحمهما الله تعالى: أي الأعمال أفضل؟ فقالا: الزهد في الدنيا وهذا موجود في ظاهر الخبر المنقول عن عيسى ﵇، ورويناه عن نبيّنا ﷺ: حبّ الدنيا رأس كل خطيئة ففي تدبرّه أن بعضها رأس كل طاعة، كذلك كان بعض السلف يقول:
1 / 429