335

Пища сердец

قوت القلوب

Исследователь

د. عاصم إبراهيم الكيالي

Издатель

دار الكتب العلمية - بيروت

Номер издания

الثانية

Год публикации

١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م

Место издания

لبنان

خروج من لفظ المجازاة لتحقيق الأمر وتعظيم الشكر لأن الفاء للشرط ولاجزاء والكاف المتقدمة للتمثيل، فقوله تعالى: فاذكروني متصل بقوله: (كما أَرْسَلْنا فيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ) (فاذْكُرُوني) (وَاشْكُرُوا لي) البقرة: ١٥١ - ١٥٢، والمعنى كمثل ما أرسلت فيكم رسولًا منكم فاشكروا لي، والعرب تكتفي من مثل بالكاف كما اكتفت من سوف بالسين في قوله تعالى: (سَنُؤْتيهِمْ) (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ) الأعراف: ١٨٢ وهذا تفضيل للشكر عظيم لا يعلمه إلا العلماء بالله تعالى.
وقد روينا في أخبار أيوب ﵇: إن الله تعالى أوحى إليه: إني رضيت بالشكر مكافأة من أوليائي في كلام طويل، وفي أحد الوجوه من قوله ﷿: (لأقْعُدَنَّ لَهُم صِراطَكَ الْمُسْتَقيمَ) الأعراف: ١٦، قال: طريق الشكر، فلولا أن الشكر طريق يوصل إلى الله تعالى لما عوّل العدو على قطعه ولولا أن الشاكر حبيب ربّ العالمين ما نقصه إبليس اللعين في قوله تعالى: (ولا تَجِدُ أكْثَرَهُمْ شاكِرينَ) الأعراف: ١٧ وكذلك قال الله تعالى: (وقليلٌ مِنْ عِبادي الشَّكُورُ) سبأ: ١٣، كما قال تعالى: (ولقدْ صَدَّق عَلَيْهِمْ إبليسُ ظنَّهُ فاتَّبَعُوهُ إلاَّ فريقًا من المؤْمِنينَ) سبأ: ٢٠، وقد قطع الله تعالى بالمزيد مع الشكر ولم يستثن فيه واستثنى في خمسة أشياء: في الإغناء، والإجابة، والرزق، والمغفرة، والتوبة، فقال تعالى: (فَسَوْفَ يُغْنيكُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ إنْ شاءَ) التوبة: ٢٨ وقال تعالى: (فيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إليهِ إنْ شاء) الأنعام: ٤١، وقال تعالى: (يَرْزُقُ مَنْ يشاءُ) البقرة: ٢١٢ (وَيغْفِرُ لِمَنْ يشاءُ) المائدة: ٤٠، وقال ﷿: (ثُمّ َ يَتُوبُ الله مِنْ بَعْدِ ذلك على منْ يشاءُ) التوبة: ٢٧، وختم بالمزيد عند الشكر من غير استثناء فقال تعالى: (لئِنْ شَكَرْتُمْ لأزيدِنَّكُمْ) إبراهيم: ٧، فالشاكر على مزيد والشكور في نهاية المزيد وهو الذي يكثر شكره على القليل من العطاء ويتكرر منه الشكر والثناء على الشيء الواحد من النعم وهذا خلق من أخلاق الربوبية لأنه سماه باسم من أسمائه والمزيد هو إلى المنعم يجعله ما شاء، فأفضل المزيد حسن اليقين ومشاهدة الأوصاف، وأوّل المزيد شهود النعم، إنها من المنعم بها من غير حول ولا قوّة إلا به ﷿، وأوسط المزيد دوام الحال ومتابعة الخدمة والاستعمال، وقد يكون المزيد أخلاقًا وقد يكون علومًا وقد يكون في الآخرة وتثبيتًا عند فراق العاجلة، وقد جعل الله تعالى الشكر مفتاح كلام أهل الجنة وختام تمنّيهم في قوله تعالى: (الْحَمْدُ لله الَّذي صَدَقنا وَعْدَهُ) الزمر: ٧٤، وقال تعالى: (وآخِرُ دَعْواهُمْ أنِ الْحَمْدُ لله ربِّ الْعالمينَ) يونس: ١٠، فلولا أنه أحب الأعمال إليه ما بقاه عليهم لديه.
وروينا في مناجاة أيوب ﵇: إن الله تعالى أوحى إليه في صفة الصابرين دارهم دار السلام إذا دخلوها ألهمتهم الشكر وهو خير الكلام وعند الشكر أستزيدهم

1 / 341