يدهش حمادة ويسأله بدوره: ما معنى سؤالك؟ - أريد حقيقة أن أعرف. - لا تخلو حياة من ذلك. - كيف يجري الشجار الزوجي في طبقتكم؟
فابتسم حمادة قائلا: تندلع الحدة .. يقطبان .. أبي يقول: يا هانم لا يليق كيت وكيت، فتقول ماما: يا باشا أنا لا أقبل سماع ذلك .. يا هانم .. يا باشا.
فيسأله إسماعيل بجرأة: ألم يسبها مرة قائلا يا بنت كذا وكذا.
ويقهقه حمادة ثم يقول: هذا عندكم لا عندنا يا حضرة.
ويحدثنا عن حرص أبيه وتبذير أمه. - بابا ليس بخيلا كما يحلو لماما أن تتهمه أحيانا ولكنه يرى ألا يضيع قرش بدون سبب معقول، ماما ترى أن السبب المعقول هذا يجب أن يشمل ما يروق لها من سلع شيكوريل وشملا ومحال التحف والأطعمة والأشربة التي تقدمها في ولائمها بالإضافة إلى هدايا المناسبات، وقد تمادت بالطول والعرض وهي تجهز أختي أفكار بالأثاث المستورد والحلي، أما ليلة الدخلة فأحيتها منيرة المهدية وصالح عبد الحي.
ويقهقه حمادة ثم يواصل حديثه: ووصف بابا ماما قائلا: يا هانم ما أنت إلا نسافة من نسافات الأسطول البريطاني.
ومع ذلك فقد تبرع الباشا للوفد بعشرين ألفا من الجنيهات، وتقدم في الوقت المناسب ليحل محل المنفيين، فاعتقل واندرج في سلك الأبطال، وسوف يكون نائب حينا الهادي الجميل في البرلمان، وتكون سراياه ركن الوفد الركين. ورغم ذلك كله فلم يساو حمادة صديقنا إسماعيل قدري في حماسه ووفديته. وقلت لنفسي إن حمادة لم يرث عن أبيه مزاياه الفذة في العمل والجهاد، ورث البناء المتين والرأس الكبير والجبين العالي، منظر خلق للإدارة والسيادة ولكنه جرد من الولع بهما. •••
طاهر عبيد ينتمي إلى طبقة حمادة ولكنه بميله إلى البدانة ومرحه وبساطته يبدو كأنه منا. تحت النخلة أسمعنا أول أشعاره، ومضى يتعلم الفرنسية تلميذا محبا لمامته، ويهيم بين أركان مكتبة القصر الفاخرة، وينتابه القلق أحيانا فيقول: أنا مطارد، الويل لي إن لم أصبح طبيبا فذا!
فتنته بصديقات شقيقتيه غير خافية حتى سأله إسماعيل قدري: أليس للسراي سطح؟
فأجابه ضاحكا: لا سطح ولا غابة تين شوكي!
Неизвестная страница