Утешение глаз в избранных Ливана
قرة العين في خريدة لبنان
Жанры
ثم رفعت يديها نحو السماء وصلت بصوت منخفض، ثم نهضت ونهض حنا فعانقته وضمته شديدا إلى صدرها، فخارت قواها لما عراها من التأثر ووقعت بين يديه، ولولا دموعها المدرارة وتبسم ثغرها لخيل للرائي أن روحها فارقت جسدها، وكان بطرس الصغير ينظر بفرح إلى هذا المشهد، ويصفق بيديه طربا ويصيح قائلا: هذا حنا الطويل، هذا حنا الطويل.
10
في ذات صباح من أيام تموز - وقد مضى نحو الشهر على ما سبق ذكره - كانت العربة العمومية المعروفة بالديليجنس تصعد كالعادة فوق ربى لبنان من بيروت إلى دمشق، فوقفت عند خان الشيخ محمود ريثما خرج منها شابان في مقتبل العمر عليهما شارات الحظ وملامح السرور، وفي يمين كل منهما عصا ضخمة أعداها ليستعينا بها على السير في الجبل.
فوقفا برهة يسرحان الطرف في تلك الربوع التي كستها الغزالة عند بزوغها حلة الأنوار، ونظم لها الندى من اللآلئ عقودا، ولبثا ينفثان من صدرهما هواء المدينة ويستنشقان بتنعم نسيم الجبال البليل فتنتعش منهما الأرواح والأبدان.
ثم ثنى كل طرفي بنطلونه فوق حذاء متين الصنع مهيأ للمشي في الوعر، وسارا بهمة في تلك الطريق التي تراكم فيها التراب، وهما يتداولان الحديث بحماسة ولا يشك من يسمعهما أنهما من أرباب القلم ورجال الأدب.
وما زالا يمشيان بنشاط ينعشهما نسيم الصباح ويدفعهما التحمس، وإذا بأصغر الشابين توقف عن السير وصاح برفيقه: ألا أنصت يا هذا.
وكان طرق مسامعه نغمات الزمارات والدفوف صادرة من الوادي يتخللها حينا بعد حين طلقات البنادق.
فقال له رفيقه: وهل من عجب؟ فهؤلاء القرويون أطاعوا اليوم داعية الأفراح، ويحق لهم أن يتناسوا حصة أكدار الحياة.
فأجاب قائلا: لا أنكر ذلك، على أني أود لو أعرف الداعي إلى مثل هذه المظاهرات مذ لاح الصباح، فإنني راجعت البارحة قبل مغادرتنا بيروت تقويم السنة، فلم أجد لعيد ذكرا في هذا الأسبوع، وقد مضى نحو العشرة أيام على عيد مار إلياس، فيا ترى ماذا جرى؟
وهنا أدى السير بالشابين إلى خان القرية الذي عرفناه قبلا ولم يكونا يجهلانه، فقال أكبرهما: لقد مشينا نحو الساعتين فبلغ مني العطش مبلغا، هيا بنا نروي الغليل في هذا الدكان، ونأخذ لنا من الراحة نصيبا ونغتنم الفرصة لنسأل الدكاني عن الخبر اليقين.
Неизвестная страница