وقال ابن حزم(1): لا تجوز الخلافة إلا في قريش، ويحرم أن يكون الأمر في غيرهم أبدا. واختاره الشوكاني، كما في (السيل الجرار)(2). وقال عبد القاهر البغدادي(3): «قال أصحابنا إن الشرع قد ورد بتخصيص قريش بالإمامة ودلت الشريعة على أن قريشا لا تخلو ممن يصلح للإمامة، فلا يجوز إمامة الإمام للكافة من غيرهم، وقد نص الشافعي رضي الله عنه على هذا في بعض كتبه، وكذلك رواه زرقان عن أبي حنيفة».
وبالغ بعضهم فاعتبر الخلافة حقا للقرشي ولو كان عاجزا عن القيام بالمسئولية، ذكر ذلك ابن خلدون في (مقدمته)(4).
وعندما خفت وطأة السياسة القرشية أخذ كثير من علماء أهل السنة يعيدون النظر في اشتراط القرشية، وصارت عباراتهم أكثر تعقلا ومنطقية، فرأى بعضهم أنها في قريش إذا تيسر قرشي صالح جامع للشروط، فإن عدم فأي رجل من غيرهم، وفي هذا قال سعد الدين التفتازاني(5): «فإن لم يوجد في قريش من يستجمع الصفات المعتبرة ولي كناني فإن لم يوجد فرجل من ولد إسماعيل فإن لم يوجد فرجل من العجم». ونص على ذلك زكريا الأنصاري في (فتح الوهاب)(6)، والشربيني في (مغني المحتاج)(7)، وحكاه القلقشندي(8) عن الرافعي والبغوي وغيرهم.
وذلك ما رجحه مشترطو النسب من المعتزلة، فقال ابن أبي الحديد(9): «قال أكثر أصحابنا: إن النسب شرط فيها وإنها لا تصلح إلا في العرب خاصة، ومن العرب في قريش خاصة»، مشيرا إلى أنهم يعنون أن القرشية شرط إذا وجد في قريش من يصلح للإمامة، فإن لم يكن فيها من يصلح فليست القرشية شرطا فيها.
Страница 42