207

قصص من التاريخ

قصص من التاريخ

Издатель

دار المنارة للنشر والتوزيع

Номер издания

العاشرة

Год публикации

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٧ م

Место издания

جدة - المملكة العربية السعودية

Жанры

بعده تغمر الكون بلألائها، والقمر لا يزال يريق على الدنيا وابلًا من نوره ... وكل شيء يبقى على حاله بينا يكون هو قد ذهب وامَّحى؟ وماذا يرى المحكوم عليه - وهو يُساق إلى حبل المشنقة - في بهاء الشمس وابتسام الربيع وضحك الروض؟
إن المرء لا يجد في الكون إلا صورة نفسه وخياله وعواطفه، فأي شيء يجده عبد الله وليس في نفسه إلا ذكرى ماض بارع، قطف ثماره أمدًا طويلًا ثم عصفت به رياح الفناء، فصوّح نبتُه (١) وذوت غصونه، وصورة مستقبل غامض يسلم إليه أمه المسكينة، لا يدري من أمره شيئًا، ولكنه لا يثق به ولا يطمئن إليه، وهو بينهما يمشي طائعًا مختارًا إلى ... الموت؟!
وبلغ عبد الله أبواب الحرم وهو في ذَهلة عميقة، فإذا هو بأبي صفوان عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف، فألقى عليه نظرة فارغة كأنه ينظر إلى رجل من العالم الآخر لا يبصره.
- سيدي أمير المؤمنين!
- ... ...
- لقد استطاع رجالي أن يفتحوا لك طريقًا إلى العراق، وهذه هي ركائبك وهؤلاء هم حرسك. فتلفع يا سيدي بهذا الثوب وسِرْ في أمان الله!

(١) صوّحَ النبتُ: يبس حتى تشقّق (مجاهد).

1 / 214