وترجو الأم زوجها أن يحول بين ابنته وبين هذه القتلة الشنيعة؛ ويتصدع قلب أجاممنون، وتنهمر دموعه شفقة على الفتاة التعسة فيعد! ولكن لات حين موعد!
لقد نمى إلى العسكر أن أخيل أنذر أن سيقف دون الدم الذي أمرت به الآلهة أن يراق فغيظوا وأحنقوا وذهبوا إليه يتحسسون جلية الأمر، فصارحهم به فانقضوا عليه يرشقونه بألسنتهم الحداد ويرجمونه بحجارة الشاطئ، فولى مدبرا!
وريعت الأم حين رأت إلى الميرميدون - جنود أخيل الأمناء - يرجمون سيدهم فيمن يرجمه من الجنود الآخرين فعولت على أن تحمل السلاح وتقف إلى جانبه لتذود هؤلاء الوحوش!
ولكن إفجنيا الصغيرة، إفجنيا الفتاة، إفجنيا العظيمة! وقفت في وجه أمها، وصرخت قائلة: «مكانك يا أماه! لن يموت أخيل من أجل فتاة!
من أنا حتى يفتديني هذا البطل العظيم؟ وما حياتي التافهة في حياته المذخورة الغالية؟ إن رجلا يحارب من أجل هيلاس أجدر بالحياة من عشرة آلاف امرأة لا يستطعن إلى حرب من سبيل؟
أيها الجنود!
خلوا سبيل سيدكم فلن تفتح طروادة إلا عليه كما أخبرت بذلك آلهتكم! وما دام النصر معلقا بحياتي، فكم يبهجني أن أفتدي الوطن وأرضي أربابي! إن هيلاس كلها تنظر إلي اليوم، فهل فخر أكثر من أن أكون عند حسن ظنها بي، أنا لها، أنا أفديك يا وطني، أماه، لا تحزني! انظري إلي، ها أنا ذي أبتسم للموت، للقتل، للذبح، هلموا يا سادة، هلموا، أين المذبح؟ صلوا من أجلي، تحيا هيلاس!»
وفي هذه اللحظة فقط تكبر إفجنيا في عيني أخيل فيتمنى لو أجلت في حياتها لتكون زوجة كريمة له، ويعرض استعداده للمنافحة عنها بسيفه، ولكنها تنهاه وتوصيه أن يعيش لوطنه ليذب عن بيضته ويعلي كلمته.
وتنسكب دموع أخيل.
فيا للفتاة!
Неизвестная страница