История греческой философии
قصة الفلسفة اليونانية
Жанры
Antisthenes
الذي فتنته من أستاذه تلك الشخصية القوية التي آثرت الحق على كل شيء، والتي ازدرت الحياة المادية فنبذتها نبذ النواة، ولم يزغ بصرها ما تبديه من زينة خلابة وزخرف كاذب، فتن أنتسثنيس بهذا الجانب من سقراط، فلم يتردد في اعتبار الزهد معنى الفضيلة وسبيل الحياة الفاضلة وغايتها، وعلى هذا النظر إلى الفضيلة عاش الكلبيون عيشة خشنة، لا تغريهم مغريات الحياة، ولا تميل نفوسهم إلى ثروة أو سلطان، واقتصرت حاجاتهم على الحد الأدنى، فلا يلبسون ناعم الثياب حين تكفي الأسمال، ولا يسكنون الدور ما دامت أرض الله الفضاء تكفيهم وطاء، والسماء تغنيهم غطاء، وقد اتخذ أحدهم - ديوجنيس
Diogenes - لسكنه دنا يأوى إليه، وهو الذي أثر عنه أنه كان يحمل مصباحا يفتش به في وضح النهار عن الإنسان الكامل فلا يجده، وأن الإسكندر الأكبر قد سأله عما يريد فأجاب: أريد ألا تحجب عني ضوء الشمس، تلك هي الحياة الفاضلة التي تؤدي بالإنسان إلى الغاية المنشودة. ولما كان العلم عند سقراط هو معرفة الفضيلة فقد رغب الكلبيون عن العلوم والفنون، وبالغوا في ذلك إلى حد عجيب، حدا بهم إلى أن يتخذوا الجهل مثلا أعلى، وماذا يجدي العلم، والفضيلة وحدها كافية لتحصيل السعادة وهي رهينة العمل، ولا تحتاج إلى القول الكثير والعلم الغزير، كما كان يقول زعيمهم أنتسثنيس.
انتشر تلاميذ هذه المدرسة في الأرض لا يبتغون من الناس شيئا ولكن ليحملوهم على الزهد والقناعة، وليعلموهم أن لا خير إلا في الفضيلة، وأن لا شر إلا في الرذيلة، فلا الضياع والمتاع ولا الملكية ولا التمتع بالحرية، بل ولا الحياة نفسها من وسائل الخير، بل الخير هو الفضيلة وحدها، كلا ولا الفقر والشقاء والمرض والرق، ولا الموت نفسه من وسائل الشر بل الشر هو الرذيلة وحدها، فليست العبودية بأسوأ من الحرية إذا كان العبد الرقيق يعيش عيشة الفضيلة؛ لأنه عندئذ يكون حرا في نفسه ولو كان مملوكا في ظاهره، وقد أجاز الكلبيون الانتحار على شرط ألا يكون فرارا مما في الحياة من ألم وبؤس، بل لكي يقيم به المنتحر دليلا على أن الحياة ليست شيئا يدعو إلى التشبث بها.
والفضيلة عند الكلبيين واحدة كما قال سقراط، وفسروا ذلك بأنها لا تتجزأ، فإما أن يكون الشخص فاضلا إلى النهاية أو لا يكون، كالخط إما أن يكون مستقيما أو ليس مستقيما، ولا وسط بين الطرفين، فإن كان ذا فضيلة كان عالما كل العلم، حكيما كل الحكمة، سعيدا كل السعادة، كاملا أتم الكمال؛ لأن الفضيلة هي كل شيء، وإن لم يكن كان غبيا شقيا جاهلا. (1-2) القورينائيون
Cyrenaics
أما مؤسس هذه المدرسة فهو أرسطبس
Aristippus ، فيلسوف ولد في قورينا، مدينة في شمالي أفريقيا، رحل إلى أثينا وتتلمذ لسقراط، وخلاصة مذهبه: أن تحصيل اللذة والخلو من الألم هما الغاية الوحيدة في الحياة.
أليست الفضيلة عند سقراط هي الغرض الأسمى؟ أوليست السعادة عنده وسيلة من وسائل الفضيلة وحافزا قويا لها؟ إذن فلنحقق لأنفسنا هذه السعادة ما استطعنا إليها سبيلا، ولا يكون ذلك بأن نزدري الحياة ازدراء، ونعيش عيشة زهد وحرمان، ولكن عيشة استمتاع ولذة، فالخير فيما يلذ ويسر، والشر فيما يؤلم ويؤذي، فاعمل كل ما تشتهي واستمتع بالحياة ما ساعفتك، وابتعد عما يؤذيك ويؤلمك، واتخذ في كل ذلك نفسك مقياسا، فلا يجوز أن تهبط قوانين الأخلاق على الفرد من الخارج، ولا أن تفرض عليه من الجماعة فرضا ليس له مسوغ، ولكل إنسان أن يرسم لنفسه طريق السعادة فهو بنفسه بصير، (وهم في هذا النظر الأخير قد تأثروا بالسوفسطائيين).
واللذة عند القورينائيين قد تتحقق في التفكير، ولكنها أقوى وأعظم إذا كانت حسية ينعم بها الجسم، وهم مع هذا قد وضعوا حدا خفف من حدة هذه النزعة الحسية، فنصحوا أن تكون حكيما حينما تنشد لذتك، فلا تجعل نفسك عبدا للذة، بل لتكن اللذة أداة طيعة للاستمتاع، إذا ظفرت بها فاغتنمها، ولا تأسف عليها إذا أفلتت من يديك، كما نصحوا أن تكون اللذة مأمونة العواقب، وألا تكون سببا في آلام أكبر منها.
Неизвестная страница