وقلص الألم جسمها، وتعلقت من جديد بعجلة العربة وأطلقت أنة، ثم شعرت براحة نهائية لا حد لها، وسمعت صرخة قصيرة فنهضت واقفة مبتسمة واستخلصت من بين القش الطفل الثاني، وفي جو يونيو المحترق أخذت وأوأة الطفلين تتردد في الحقول، وأنا تصغي إلى تنفس الطفل الثاني الذي لم ينتظم بعد.
وحومت فراشتان حولها فضمت في خوف الطفل إلى صدرها وهي تلوح لتطردهما، ولف خبر وضع أنا زوجة بيتر مانجون لغلامين الحقل بسرعة، فانبثقت تلقائيا قابلات عديدات فيما يشبه المعجزة، وأخذن يغسلن الطفلين بالماء الممتوح من البئر وينتزعن خيط قطن أحمر من ملابسهن؛ ليقمن بواجب ربط الحبل السري.
وقطع بيتر عمله؛ ليأتي إلى جوار زوجته، وأدهشه التجمع الذي تكون حولها حتى أخذه قلق غامض، فاستند إلى نير العربة وترك نظراته تطفو فوق الحقول وكأنه غريب عما يجري حوله، وغير بعيد كانت خيوله المربوطة في أوتاد تلف دوائر وهي تضرب بألسنتها القش المسحوق تحت حوافرها، وتنفخ في ضجة فتثير من حولها سحبا من التراب.
وقال أنتوني لانجو - وهو يتكئ بمرفقيه فوق العربة: «إن الإنسان يستطيع أن يعد ضلوع خيلك يا بترو، فإذا لم ينزل المطر فسوف تموت جوعا.»
واقترب بيتر وهو يقول: «إنها لم تعد حياة، عندي سبعة أطفال وبالاثنين الجديدين يصلون إلى تسعة، وبإضافة شخصينا يصبح المجموع أحد عشر فما تحتاج إلى الطعام، ولنفترض أن الاثنين الصغيرين لا يحتاجان بعد إلى كثير من الطعام، ولكن يبقى التسعة الآخرون، وأنا لا أملك غير هذه القطعة الصغيرة من الأرض، ولم أدفع بعد ضريبة العشر ولا بدل المرعى.»
أسرع إلى الدفع وإلا جاءوك يوما فأخذوا جميع حاجياتك، وأنت تعلم ما حدث للآخرين الذين أخذوا منهم الأغطية نفسها. - وماذا أفعل؟ ... من السهل أن تقول: أسرع. - بع شيئا. - أنا أبيع؟ ... وهل لدي شيء أبيعه؟
وفجأة تغطت السماء بسحب رمادية، آتية من المستنقعات ومن حواف سهل برجان، وكانوا قد رأوا مثلها من قبل أكثر سوادا، ولكن أقل ارتفاعا تهبط على الدانوب.
وفقدت الشمس بريقها بعد أن حجبت السحب جزءا منها.
وظلت الحرارة خانقة ثقيلة على امتداد الحقول.
ومع ذلك أخذت تسري - في هبات - تيارات من النسيم المنعش.
Неизвестная страница