وتكلمت المرأة بصوت خافت، وهي تحس بطعم الرماد بين شفتيها: «نعم يا بيتر ... لقد وضعت.»
وسقط المنجل من يدي بيتر ونهض. - وما حيلتنا في ذلك؟ لقد حدث لي ذلك مرة أخرى في الخريف في يوم ضباب.
وأرد بيتر أن يقول شيئا وأن يقسم بأغلظ الإيمان، ولكنه استسلم بسرعة واسترد منجله، وبينما كان يحصد حزما جديدة من القمح سأل: «أهو غلام؟» - نعم غلام.
فطالت عنقه أكثر من ذي قبل فهي أشبه بعنق النعامة.
وانشق فمه عن ضحكة عريضة صامتة، ثم قال: «ولماذا عدت إذن؟» - لقد انتهى الأمر الآن، وأحس أني خفيفة.
وها هي تحصد من جديد، ولكن متخلفة بكثير عن بيتر الذي يسرع وكأن الذئاب تطارده، والسنابل تحك ذقنه المبللة بالعرق، وتعلق بها بعض أعواد القش.
وأخذت ريح خفيفة حارة تهب من ناحية الشرق وتحمل في دوامات المسك والأزهار البرية، ويختلس بيتر نظرة إلى أنا كلما وضع حزمة على الأرض، إنها بغير مريلة، وجونلتها منحرفة عن وضعها، وبصعوبة تستطيع أن تضم السنابل في يدها، ومنجلها يهتز، وهي الآن توحي إليه بالحزن المثير، فهي لم تكد تضع طفلهما الثامن، ومع ذلك ها هي تعود إليه لتعمل!
وفجأة انتصبت أنا زائغة العينين والمنجل في يدها وقالت: «أحس بالألم من جديد يا بيتر، سأذهب.» - اذهبي ولا تعودي ثانية إلى هنا، ابقي إلى جوار الطفل واحرسيه من أن يتسلق عليه النمل وهو نائم وغطه جيدا.
ومرة ثانية أصبح بيتر وحده، بينما اتجهت أنا ناصلة الشفتين بأسرع ما يمكن نحو حافة الحقل حيث تقع العربة وبها الطفل، ولكنها لم تكد تصل حتى أخذت نفس الآلام وبصورة أكثر عنفا تمزق أحشاءها وأخذها الخوف، وتمددت إلى جوار العجلة، واقترب منها طفل حاملا زجاجة بين ذراعيه لكي يطلب إليها بلا ريب ماء، ولكنه لم يكد يراها بهذا الوضع حتى ولى جاريا وهو يتعثر.
ودخل ثور ليزاندرو لوكيا إلى أرض بيتر ونطح بقرنه رحى القمح، وقالت أنا: «ألا ليت بيتر يعود ليراه.»
Неизвестная страница