ولم يتم حديثه إذ ضربه قائد الشرطة بالمدقة على جبهته؛ فخر ميتا.
وصاح قائد الشرطة قائلا: آه! أتسبون الأمير؟ اهجموا عليهم أيها الرجال ... وبسرعة استل الخدم الواقفون خلف النبلاء خناجرهم وأخذوا يضربون، كما دخل الجنود المرتزقة بقيادة ضابطهم، وانقضوا على النبلاء بالحراب، وذلك بينما سحب لابوشنيانو الوزير موتزوك من يده نحو النافذة المفتوحة، وأخذ يتأمل المذبحة التي ابتدأت وهو يضحك، بينما موتزوك تصطك أسنانه وشعر رأسه يقف، وهو يحاول الضحك أيضا إرضاء لسيده، وكان هذا المشهد الدامي في الواقع منظرا بشعا، ولنتصور صالة طولها خمسة عشر قدما وعرضها اثنا عشر، وبها حوالي المائة من القتلة المصممين على القتل - أي جلادين - ومن المحكوم عليهم بالإعدام، فريق يدافع بجنون اليأس، وفريق بسورة الحميا، ولكن النبلاء الذين لم يتوقعوا مثل هذا الغدر، والذين حضروا مجردين من السلاح، لم يستطيعوا الصمود في الدفاع، فأخذوا يتساقطون من الضربات الجبانة التي تلقوها من الخلف، وكان الشيوخ منهم يموتون وهم يرسمون الصليب، بينما دافع عدد من الشبان عن أنفسهم - في جنون - مستخدمين في ذلك كل ما وصلت إليهم أيديهم من كراسي وأطباق ومعالق، كما أن البعض كان يطبق على رقبة قاتله رغم ما به من جروح ويكاد يخنقه، ومن كان ينجح منهم في انتزاع حربة، كان يقتضي ثمنا باهظا لحياته.
وقتل عدد من الجنود المرتزقة، ولكن أحدا من النبلاء لم يفلت من القتل عند نهاية المذبحة، فالسبعة وأربعون جثة كانت ممددة على الأرض، وفي تلك المعركة انقلبت المائدة وتحطمت الدنان، واختلط النبيذ بالدم مكونا بركة فوق البلاط.
وبينما كانت المذبحة دائرة في أعلى، كان القتل يدور أيضا في صحن القصر، وعندما رأى خدم النبلاء أنفسهم وهم يهاجمون غدرا أخذوا يهربون، ومن استطاع منهم الهرب بتسلق الجدران جرى ليستنفر بيوت النبلاء، ويدعو إلى العون الخدم الآخرين، وبذلك أثاروا الشعب، وراحت المدينة كلها تجري نحو أبواب القصر، وتهاجمها بضربات البلط.
وكان الخمار قد أثقل الجند، فلم يقاوموا إلا مقاومة ضعيفة، بينما أخذت الجموع تزداد حمية.
وعلم لابوشنيانو بهياج الشعب؛ فأرسل قائد الشرطة لكي يسأل الشعب عما يريد وعما يطلب.
وقال الأمير - وهو يلتفت نحو وزيره: والآن يا موتزوك، أوما تراني على حق في التخلص من كل هؤلاء الأشرار، وفي تخليص البلاد من مثل هذا الطاعون؟
وأجاب هذا التابع الحقير بقوله: «إن ما فعلته يا سيدي في منتهى الحكمة، ومنذ زمن طويل كنت أفكر في أن أنصح به يا صاحب العظمة، ولكن حكمتك سبقت نيتي، ولقد أحسنت صنعا بقتلهم؛ وذلك لأن ... لأن ... بدون ذلك ...»
وقاطع لابوشنيانو موتزوك الذي أخذ يتلعثم قائلا: ولكني ألاحظ ... ثم أضاف: بودي أن آمر بإطلاق المدافع على هؤلاء الرعاع. - فليكن ... ولتطلق المدافع عليهم، وأي بأس في قتل عدد من هؤلاء الأجلاف، إذا كان كل هؤلاء النبلاء أنفسهم قد هلكوا ... نعم فليقتلوا جميعا.
وأجاب لابوشنيانو - باشمئزاز: لقد كنت أتوقع هذه الإجابة، لكن لنسأل أولا عما يريدون؟
Неизвестная страница