ولم يجرؤ أحد أن يغتابه، فضلا عن أن يتآمر ضده؛ وذلك لأنه كون لنفسه حرسا من المرتزقة الألبانيين والصربيين والمجريين، والمطاردين بسبب جرائمهم، الذين وجدوا ملجأ عنده، وبفضل سخائه عليهم التفوا حوله، وأما الفرق المولدافية وقوادها من الضباط الذين أخلصوا له، فقد وضعهم في الاحتياطي، كما سرح معظم الجند ، ولم يستبق منهم إلا العدد القليل.
وذات يوم تحدث طويلا مع موتزوك الذي كان قد استرد حظوته لديه، والذي خرج من القصر بعد أن عرض عليه خطة لجباية ضرائب جديدة، ثم أخذ لابوشنيانو يتمشى في صالة القصر، وقد لاح أنه مضطرب يحدث نفسه، ويدبر - فيما يبدو - مذبحة جديدة وجريمة جديدة، وإذا بالباب السري يفتح وتدخل الأميرة روكساندرا.
ويقول الراوي: إنه عندما مات أبوها الأمير الطيب بترولاريس
5
الذي بكاه الشعب كله، ودفن في دير بروباتا المقدس الذي كان قد بناه، بقيت هذه الأميرة وهي في غضاضة العمر تحت وصاية أخويها الكبيرين إلياس وستيفان، وخلف إلياس أباه على العرش، ولكنه بعد حكم قصير قضاه في الدعارة اتجه إلى القسطنطينية، حيث اعتنق الدين الإسلامي وخلفه ستيفان على العرش، وكان أسوأ من أخيه، فأرغم الأجانب وجميع الكاثوليك على التخلي عن دينهم، وكثير من الأسر الغنية التي كانت مستقرة في البلاد أخذت طريقها إلى المنفى؛ مما أصاب الزراعة والتجارة بأضرار فادحة.
وأما النبلاء الذين كان معظمهم ذوي قربى للبولنديين والمجريين، فقد اتفقوا مع المنفيين على القسم على موت ستيفان، ولقد كان من الممكن أن يتريثوا في تنفيذ خطتهم لولا أن حياة الأمير المنحلة حملتهم على التصميم على العمل بأسرع ما يمكن، فالراوي يقول في سذاجة: «إن أية سيدة نبيلة لم تكن تستطيع أن تنجو من نهبه لها ما دامت جميلة.»
وذات يوم بينما كان الأمير بناحية تيتورا في مقاطعة إسي القديمة، ينتظر النبلاء الذين كانوا في صحبته عودة أقاربهم المنفيين، وخافوا أن يفلت من أيديهم، فقطعوا حبال خيمته، وانقضوا عليه وقتلوه.
ومن أسرة بترولاريس، لم يبق الآن غير روكساندرا، وكان النبلاء قتلة أخيها قد قرروا تزويجها ممن يدعى «يولد» الذي رشحوه لتولي العرش، ولكن لابوشنيانو الذي اختاره النبلاء المنفيون تصدى «ليولد»، وبعد أن هزمه وسجنه قطع أنفه واحتجزه في أحد الأروقة، ولكي يكسب قلب الشعب الذي كان لا يزال يذكر حكم لاريس الطيب، تزوج من ابنة هذا الأمير.
وهكذا أصبحت روسكاندرا الرهينة من نصيب المنتصر ، ودخلت إلى الصالة وفي ملابسها من الأبهة ما يليق بزوجة وابنة وأخت أمير.
كانت ترتدي ثوبا مذهبا، وفوقه صدار من المخمل الأزرق مبطن بالفراء، أكمامه الواسعة تتدلى إلى الخلف، وحول خصرها حزام مذهب ذو حلقات زمردية مطعمة بالحجارة الكريمة، وحول عنقها عدة صفوف من اللؤلؤ الدقيق، وكانت بطانة الفرو التي تميل قليلا على كتفها تزينها ريشة من الزمرد، وقد ثبتت إلى جوارها زهرة الزبرجد، ووفقا لموضة العصر كان شعرها المرسل يتهدل على ظهرها وكتفيها.
Неизвестная страница