غير أن الإمام الهادي في (المنتخب) في كتاب (الحدود) ذهب إلى أن الشهود إذا رجعوا ضمنوا رأس الضرب إذا كان المشهود عليه ضرب أو الدية إن قتل؛ حيث قال: "قلت: فإن الرجل لما شهد عليه الشهود ورجمه الإمام حتى قتله رجع واحد من الشهود؟.قال: يجلده حد القاذف ثمانين، ولا سبيل على الباقين. قلت: ولم وقد شهدوا ثم رجع بعضهم؟.قال: ألا ترى أن الثلاثة ثابتون على شهادتهم، فلأي معنى ألزمهم كما قال الجهال الحدود، ولم يرجعوا عن شهادتهم، وإنما ألزم الحد من رجع لقذفه. قلت: فدية الرجل عليهم، أو من بيت مال المسلمين، أو كيف يعمل في ذلك؟.قال: يسأل الشاهد الذي رجع، هل تعمدت قتله بشهادتك، فإن قال: نعم؛ قتل به، وإن جحد وقال: لم أتعمد قتله ولم أدر ما ينزل به، وادعى خطأ كان عليه ربع الضرب وربع الدية" (1).
وقد أشار الإمام أبو طالب لهذه المسألة؛ فقال: "إذا رجع الشهود عن الشهادة قبل الحكم لم يحكم الحاكم بها، سواء كانت الشهادة في الأموال أو في سائر الحقوق، أو في الجنايات التي يجب فيها القصاص أو الأرش، فإن كان الحاكم قد حكم بشهادتهم؛ فظاهر إطلاق يحيى في (المنتخب) يقتضي أنه ينتقض الحكم إذا رجعوا، ومر في جملة كلامه في (المنتخب) ما يمكن أن يستدل به على أن الحكم لا ينتقض" (2).
كما أشار الإمام المؤيد بالله لهذا الاختلاف؛ إذ قال: "فإن قال أحدهما: رجعت عن شهادتي... فإن كان قد حكم به؛ نقض الحكم، ولم يلزم الشهود شيئا، هذا رواية (المنتخب) ثم قال في باب الحدود: أن الشهود إذا رجعوا؛ ضمنوا رأس الضرب إذا كان المشهود عليهم ضرب أو الدية إن قتل، فلم يحكم في الحكم أنه خطأ؛ لرجوع الشهود؛ فدل ذلك على رجوعه عما قال في باب الشهادات من نقض الحكم لرجوع الشهود" (3).
Страница 125