Каваид аль-Ахкам фи Масалих аль-Анам

Азз ад-Дин ибн Абд ас-Салам d. 660 AH
79

Каваид аль-Ахкам фи Масалих аль-Анам

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Издатель

مكتبة الكليات الأزهرية

Место издания

القاهرة

الْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَعْزِلَهُ بِمَنْ يُسَاوِيهِ؛ فَقَدْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّخَيُّرِ عِنْدَ تَسَاوِي الْمَصَالِحِ، وَكَمَا يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا فِي ابْتِدَاءِ الْوِلَايَةِ، وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ الْعَزْلِ وَعَارِهِ بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ الْوِلَايَةِ. فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّفْعِ لِلْمُوَلَّى؟ قُلْنَا حِفْظُ الْمَوْجُودِ أَوْلَى مِنْ تَحْصِيلِ الْمَفْقُودِ، وَدَفْعُ الضَّرَرِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ النَّفْعِ، وَهَذَا مَعْرُوفٌ بِالْعَادَةِ، وَقَدْ قَالَ ﷺ: «مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا ثُمَّ لَمْ يُجْهَدْ لَهُمْ وَيَنْصَحْ لَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ مَعَهُمْ» . وَلَمَّا اُتُّهِمَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِأَنَّهُ قَتَلَ مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ لِيَتَزَوَّجَ بِامْرَأَتِهِ حَتَّى قَالَ الشَّاعِرُ: وَجَرَّتْ مَنَايَا مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ ... عَقِيلَتَهُ الْحَسْنَاءَ أَيَّامَ خَالِدِ حَرَّضَ عُمَرُ عَلَى أَنْ يَعْزِلَهُ أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَنَزَى عَلَى امْرَأَتِهِ، فَامْتَنَعَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ عَزْلِهِ لِأَنَّهُ كَانَ أَصْلَحَ فِي الْقِيَامِ لِقِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ أَصْوَبُ مِمَّا رَآهُ عُمَرُ لِأَنَّ تِلْكَ الرِّيبَةَ لَمْ تَكُنْ قَادِحَةً فِي كَوْنِهِ أَقْوَمَ بِالْحَرْبِ مِنْ غَيْرِهِ، فَلَمَّا تَوَلَّى عُمَرُ عَزَلَهُ عَنْ حَرْبِ الشَّامِ، وَوَلَّى أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، فَوَصَلَ كِتَابُ الْعَزْلِ إلَى أَبِي عُبَيْدَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ لِلْقِتَالِ، فَلَمْ يُخْبِرْ خَالِدًا حَتَّى انْقَشَعَتْ الْحَرْبُ لِعِلْمِهِ بِتَقَدُّمِهِ فِي مَكَانِ الْحَرْبِ، وَتَرْتِيبِ الْقِتَالِ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ لَتَشَوَّشَ أَمْرُ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُخْبِرْهُ لِأَنَّهُ أُذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، أَوْ رَأَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ حَتَّى يَقِفَ عَلَى الْكِتَابِ.

1 / 81