Каваид аль-Ахкам фи Масалих аль-Анам

Азз ад-Дин ибн Абд ас-Салам d. 660 AH
163

Каваид аль-Ахкам фи Масалих аль-Анам

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Издатель

مكتبة الكليات الأزهرية

Место издания

القاهرة

﴿لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ [النحل: ٥]، وَمِنْهُ مَا هُوَ دَارِئٌ لِلْمَفَاسِدِ كَقَوْلِهِ: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ﴾ [النحل: ٨١] . وَمِنْ مَدْحِ الْإِلَهِ نَفْسَهُ مَا لَا يَخْرُجُ مَخْرَجَ الْمَدْحِ بَلْ يَخْرُجُ مَخْرَجَ تَأْكِيدِ الْأَحْكَامِ كَقَوْلِهِ: ﴿وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الحجرات: ١٨]، ذَكَرَ ذَلِكَ تَرْغِيبًا فِي الطَّاعَاتِ، وَتَنْفِيرًا مِنْ الْمَعَاصِي وَالْمُخَالَفَاتِ، وَكَقَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ [يونس: ١٤]، فَإِنَّا إذَا تَأَمَّلْنَا نَظَرَهُ إلَيْنَا وَاطِّلَاعَهُ عَلَيْنَا اسْتَحْيَيْنَا مِنْهُ أَنْ يَرَانَا حَيْثُ نَهَانَا، أَوْ يَفْقِدَنَا حَيْثُ اقْتَضَانَا. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾ [آل عمران: ١٨١]، لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ تَمَدُّحًا بِسَمْعِهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ تَهْدِيدًا لِقَائِلِيهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، إنَّمَا يَتَحَقَّقُ التَّرْغِيبُ وَالتَّرْهِيبُ بِصِفَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ دُونَ الْحَيَاةِ وَالْكَلَامِ، فَإِنَّهُمَا لَا يُذْكَرَانِ إلَّا تَمَدُّحًا، أَمَّا الْحَيَاةُ فَفِي مِثْلِ قَوْلِهِ: هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ. وَفِي مِثْلِ قَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥] وَأَمَّا الْكَلَامُ فَفِي قَوْلِهِ: ﴿هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴾ [النحل: ٧٦] يُرِيدُ بِمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ: نَفْسَهُ ﷾. فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَتَمَدَّحُ بِالْحَيَاةِ وَلَا يَصِحُّ تَمَدُّحُ غَيْرِهِ بِهَا لِاشْتِرَاكِ الْحَيَوَانَاتِ فِيهَا؟ . قُلْنَا: إنَّمَا يَتَمَدَّحُ بِحَيَاةٍ يَخْتَصُّ بِهَا بِأَزَلِيَّتِهَا وَأَبَدِيَّتهَا وَكَوْنِهَا غَيْرَ مُسْتَفَادَةٍ مِنْ أَحَدٍ، وَلَا شَرِيكَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَلَمَّا انْفَرَدَتْ بِهِ الصِّفَاتُ عَنْ كُلِّ حَيَاةٍ، صَحَّ التَّمَدُّحُ بِهَا لِاخْتِصَاصِهَا بِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلِأَنَّهَا تُذْكَرُ تَفْرِقَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَصْنَامِ الَّتِي هِيَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ، وَإِنَّمَا تَمَدَّحَ بِالْكَلَامِ فِي قَوْلِهِ: ﴿هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴾ [النحل: ٧٦]، وَهُوَ لِأَنَّهُ قَابَلَ بِهِ الْأَبْكَمَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ، فَقَابَلَ الْأَمْرَ بِالْعَدْلِ بِالْبَكَمِ الَّذِي هُوَ الْخَرَسُ

1 / 165