Каваид аль-Ахкам фи Масалих аль-Анам

Азз ад-Дин ибн Абд ас-Салам d. 660 AH
148

Каваид аль-Ахкам фи Масалих аль-Анам

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Издатель

مكتبة الكليات الأزهرية

Место издания

القاهرة

عَنْ ذَلِكَ الْوَلِيِّ، وَأَسْعَدُهُمْ مَنْ اعْتَقَدَ وِلَايَتَهُ مَعَ ارْتِكَابِهِ لِذَلِكَ الذَّنْبِ الصَّغِيرِ، وَمُخَالَفَتِهِ لِمَا أَمَرَ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ، فَقَدْ عَصَى آدَم وَدَاوُد وَغَيْرُهُمَا، وَلَمْ يَخْرُجْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِمَعْصِيَتِهِ عَنْ حُدُودِ وِلَايَتِهِ، وَلَوْ رُفِعَتْ صَغَائِرُ الْأَوْلِيَاءِ إلَى الْأَئِمَّةِ وَالْحُكَّامِ. لَمْ يَجُزْ تَعْزِيرُهُمْ عَلَيْهَا، بَلْ يَقْبَلُ عَثْرَتَهُمْ وَيَسْتُرُ زَلَّتَهُمْ، فَهُمْ أَوْلَى مَنْ أُقِيلَتْ عَثْرَتُهُ، وَسُتِرَتْ زَلَّتُهُ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَجُوزُ غِيبَةُ الْأَنْبِيَاءِ بِنِسْبَتِهِمْ إلَى مَا صَدَرَ مِنْهُمْ مِنْ الذُّنُوبِ؟ قُلْنَا: إنْ ذُكِرَ ذَلِكَ تَعْبِيرًا لَهُمْ وَإِزْرَاءً عَلَيْهِمْ حُرِّمَ وَكَانَ كُفْرًا، فَإِنَّ اللَّهَ مَا ذَكَرَ ذَلِكَ تَعْبِيرًا وَإِزْرَاءً عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ تَنْبِيهًا عَلَى سِعَةِ رَحْمَتِهِ وَسُبُوغِ نِعْمَتِهِ، وَإِطْمَاعًا فِي التَّوْبَةِ مِنْ مَعْصِيَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ، فَإِنَّ مُسَامَحَةَ الْأَكَابِرِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُسَامَحَةَ الْأَصَاغِرِ أَوْلَى، لِأَنَّ الذَّنْبَ الصَّغِيرَ مِنْ الْأَمَاثِلِ كَبِيرَةٌ. وَلِهَذَا قَوْله تَعَالَى: ﴿مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ﴾ [الأحزاب: ٣٠]، وَإِنْ ذُكِرَ لِلْغَرَضِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ لِأَجْلِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، بَلْ رُبَّمَا يُنْدَبُ إلَيْهِ وَيُحَثُّ عَلَيْهِ، إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُذْنِبِينَ الْقَانِطِينَ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَ الْإِنْسَانُ وَلِيًّا فِي شَطْرِ عُمْرِهِ ثُمَّ صَارَ فَاسِقًا فِي الشَّطْرِ الْآخَرِ فَمَا حُكْمُ وِلَايَتِهِ مَعَ فُسُوقِهِ؟ قُلْت: إنْ زَادَتْ مَفَاسِدُ فُسُوقِهِ عَلَى مَصَالِحِ وِلَايَتِهِ وَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَ حَسَنَاتِهِ وَسَيِّئَاتِهِ، وَأُخِذَ بِمَا فَضَلَ مِنْ سَيِّئَاتِهِ، وَإِنْ زَادَتْ مَصَالِحُهُ عَلَى مَفَاسِدِ فُسُوقِهِ وَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَ حَسَنَاتِهِ وَسَيِّئَاتِهِ، وَأُجِرَ بِمَا فَضَلَ مِنْ حَسَنَاتِهِ.

1 / 150