والمباح الأخذ فيه بالحوطة أوثق؛ ويدل على ما قلنا في الحيض قول النبيء - عليه السلام -:» إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي «(1).
والمشهور عند أكثر أصحابنا: الربيع بن حبيب و موسى بن علي و محمد بن عبد الله الحضرمي وغيرهم، أن أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام (2)، ...
--------------------
وإذا أدبرت وجب عليها أن تغتسل وتصلي، لكن إذا أدبرت بعد الثلاثة فإنها تغتسل وتصلي ما يستقبل فقط، وإن أدبرت قبل الثلاثة فإنها تغتسل وتصلي ما مضى أيضا، لأنه كشف الغيب أن ذلك ليس بحيض لقوله - عليه السلام -:» أقل الحيض ثلاثة أيام «والحديث يصدق بعضه بعضا، فإذا كان أحدهما عاما والآخر خاصا حمل العام على الخاص والله أعلم. ويحتمل أن يكون مراد المصنف -رحمه الله- بقوله:
إذ العبادة ... الخ: العدة والاستبراء، لكنه بعيد، ثم قوله: والمباح ... الخ: يعني في غير هذا الموضع، وأما هنا فلم يظهر لنا شيء مباح يحتاط له فليحرر. وقد يقال: معنى قوله -رحمه الله-: إذ العبادة لا تترك إلا بعلم متيقن به ... الخ أن الدفعة الواحدة تتيقن أنها حيض حيث ظهرت علاماته فتترك العبادة لأجل ذلك، ولو كانت تعيدها بعد ذلك إذا انقطع قبل ثلاثة أيام على الراجح، ولم تعتبر في العدة والاستبراء لأن الذي يترتب عليهما أمر مباح وهو التزويج والوطء مثلا فيحتاط له، ويراعى قول من قال مثلا: أقل الحيض ثلاثة أيام، والظاهر أن هذا هو المراد، والله أعلم فليحرر.
__________
(1) - هذا جزء من حديث فاطمة بنت أبي حبيش المتقدم تخريج روايتين منه في صفحتي:248، 250.
(2) - ابن بركة، الجامع، 2/ 229؛ أحمد الكندي، المصنف، 39/ 08؛ ابن خلفون، الأجوبة، 90، 91. أما الأعلام الذين ذكرهم المصنف فالربيع بن حبيب مشهور؛ ومحمد بن عبد الله الحضرمي لم نقف على تعريف له، ولعل المقصود به هو محمد بن محبوب المعروف (انظر ترجمته في هذا الكتاب:1/ 381، ملحق التراجم، رقم: 52)، ويكون ما ذكر وهم من النساخ، لأن المسألة نفسها قد وقفنا عليها منسوبة لمحمد بن محبوب في: المصنف لأحمد الكندي، 39/ 08؛ وشرح الدعائم لابن وصاف، 2/ 295؛ أما موسى بن علي فهو من علماء الإباضية في ق02ه، انظر ترجمته في ملحق التراجم، رقم: 08.
Страница 254