واحتجوا بأن الباء المذكورة إنما دخلت للتبعيض، لأن ذلك موجود في اللغة العربية، واعتلوا بقوله تعالى: {تنبت بالدهن} [المؤمنون:20]، ... وبما روي: أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - مسح ببعض رأسه في الوضوء (1)، وروى آخرون أنه مسح بناصيته (2)،
--------------------
واحدة بأصبع واحد، وعند أبي حنيفة: لا بد من مسح ربع الرأس.
قوله واعتلوا بقوله تعالى ... الخ: ومثل غيره التبعيض بقوله تعالى: {عينا يشرب بها عباد الله} [الإنسان:06]، وأما التبعيض في قوله تعالى: {تنبت بالدهن}، فغير ظاهر لأن الدهن اسم جنس إفرادي كالنار والماء والتراب، يصدق على القليل والكثير والله أعلم. وقد يقال: إنها تخرج الزيت، ولا شك أنه بعض الأدهان، وهذا هو المراد؛ ثم الظاهر أن الاستدلال بالآية على كون الباء للتبعيض إنما هو على قراءة ضم التاء من أنبت، لأنه ذكر ابن قاسم في "حاشية الأشموني" أن كون الباء للتبعيض خاص بالفعل المتعدي والله أعلم (3)؛ ويؤيده كلام "الإيضاح" حيث مثل للتبعيض بالفعل المتعدي في قول القائل: أخذت بثوبه وبعضده، ومسحت يدي بالأرض ... الخ (4).
__________
(1) - أخرج ذلك الربيع بن حبيب: باب في آداب الوضوء وفرضه، رقم: 96 (1/ 31)؛ وأخرجه في حديث طويل بلفظ:» ومسح مقدم رأسه «كل من البيهقي في الكبرى، رقم: 271 (1/ 58)؛ والطبراني في الكبير، رقم: 887 (20/ 380)؛ والدارقطني في السنن، (1/ 192).
(2) - أخرج ذلك مسلم: كتاب الطهارة، رقم: 410؛ والنسائي: كتاب الطهارة، رقم: 107؛ وأحمد: مسند الكوفيين، رقم: 17432 في حديث طويل؛ وابن حبان في صحيحه، رقم: 1346 (4/ 176 بترتيب ابن بلبان)؛ وابن خزيمة في صحيحه، رقم: 1645 (3/ 72)؛ والنسائي في الكبرى، رقم:108 (1/ 87)؛ والبيهقي في الكبرى، رقم: 270 (1/ 58)؛ والطبراني في الصغير، رقم: 369 (1/ 229)؛ وفي الكبير، رقم: 1035 (20/ 428)؛ والدارقطني في السنن، (1/ 192)؛ والطحاوي في شرح معاني الآثار، (1/ 30)؛ والشافعي في مسنده.
(3) - لم نطلع على هذه الحاشية بعد البحث الطويل عنها، ولعل صاحبها هو أحمد بن قاسم العبادي شهاب الدين (ت. 994ه)، ذكر من تآليفه حاشية على شرح ألفية ابن مالك. (ينظر: عمر رضا كحالة، معجم المؤلفين، 2/ 48).
(4) - عامر بن علي الشماخي، 1/ 73.
Страница 127