وأي الأقوال التي وصفنا قاله قائل، أو جهله وإن لم يقل به جاهل، فهو فيه مثبت مع الله لغيره، قال بإنكاره فيه أو تجويره، ألا ترى أنه إن أنكره فقد مثله بمنكر الأمور، أو جوره فقد أشرك بينه وبين أهل الجور، أو جهله عز وجل فقد مثله بمجهول، أو تحير فيه فقد شبهه بمتحير فيه غير معقول، أو زعم أن له صاحبة أو ولدا، فقد أثبت بالاضطرار أنه لم يكن واحدا ولا فردا، وإذا لم يثبت له وحدانية الأولية، فقد ثبت معه اضطرارا غيره في الأزلية، وذلك فهو معنى الشرك غير شك، ولذلك سمى الله هذه الفرق كلها باسم الشرك، وحكم عليها بحكمه ليعلم أولوا الألباب والنهى، أن باشتباههم كان حكم الله فيهم مشتبها.
فاسمع لما قال فيما أوجب من قتلهم وقتالهم، وحكم به سبحانه من سبآئهم وتغنم أموالهم، وأوجب على المؤمنين فيهم من البرآة، ونهاهم عنه لهم من الموالاة، وحرم عليهم من مناكحهم، ونهاهم عنه من أكل ذبائحهم، فإني سأجمع ذلك لك إن شاء الله كله، وأبين لكم ما ذكر الله في ذلك أجمع وأفصله، بآيات مسمعات، وأحكام متتابعات، كراهية للتكثير عليك في القول، واكتفآء لك بتفصيلهن من الإكثار في كل علم مجهول.
Страница 169