وطريقة مستقيمة يقال له صديق فنفرح بذلك ونسر لغرابة الزمان وقلة الإخوان وكثرة أهل البدع والإغلال. ثم وصل إلينا كتاب " الحِطَّة " و" تحرير الأحاديث "
في تلك الفصول فازددنا فرحًا وحمدنا لربنا العظيم لكون ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس وكان لي ابن يتشبث بالعلم ويحب الطلب فجعل يتوق إلى اللحوق بكم والتخرج عليكم والالتقاط من جواهركم لذهاب العلم في أقطارنا وعموم الجهلة وغلبة الأهواء فبينما نحن كذلك إذ وصل إلينا التفسير بكماله فرأينا أمرًا عجيبًا ما كنا نظن أن الزمان يسمح بمثله وما قرب منه - لما في التفاسير التي تصل إلينا من التحريف والخروج عن طريقة الاستقامة وحمل كلام الله على غير مراد الله وركوب التفاسير في حملة على المذاهب الباطلة وجعلت السنة كذلك فلما نظرنا في ذلك التفسير تبين لنا حسن قصد منشيه وسلامة عقيدته وتبعده من تعمد مذهب غير ما عليه السلف الكرام. فعلمنا أن ذلك من قبيل قوله تعالى: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾ [الكهف: ٦٥]
فالحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرا طيبا كما يحب ربنا ويرضى وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. فزاد اشتياق التائق وتضاعفت رغبته ولكن العوائق كثيرة والمثبطات مضاعفة والله على كل شيء قدير فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وإن شاءه الناس فمن العوائق تباعد الديار وطول المسافات فإن مَقَرَّنا في فلج اليمامة - ومنها خطر الطريق وكثرة القطاع وتسلط الحرامية في نهب الأموال واستباحة الدماء وإخافة السبيل، ومنها ما في الطريق من أهل البدع والضلال بل وأهل الشرك من رافضي وجهمي إلى معتزلي ونحوهم وكلهم أعداء قاتلهم الله - ﴿رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ [الكهف: ١٠]- ومع ذلك فنحن نرجو أن يبعث الله لهذا الدين من ينصره وأن يجعلنا
1 / 12