230

Дворец желаний

قصر الشوق

Жанры

كان السيد جالسا في فراشه، مسند الظهر إلى وسادة منكسرة، ساحبا الغطاء حتى عنقه، على حين جلس العواد على الكنبة والكراسي التي أحدقت بالفراش. وبدا سعيدا رغم ضعفه، فلم يكن يسعده شيء كالتفاف الأصدقاء حوله، وتسابقهم إلى مجاملته ورعاية عهده، وإذا كان قد بلاه المرض بالشر، فإنه لم ينكر حسنته فيما وجد من جزع إخوانه لما أصابه، وتحسرهم على غيابه، ومدى إحساسهم بالوحشة في مجالسهم أثناء اعتكافه، وكأنما أراد أن يستزيد من العطف، فجعل يقص عليهم ما لاقى من آلام وسأم، واستباح في سبيل ذلك أن يهول ويبالغ، فقال متنهدا: في الأيام الأولى من المرض اقتنعت فيما بيني وبين نفسي بأني انتهيت، فجعلت أتشهد وأقرأ الصمدية، وفيما بين هذا وذاك أذكركم كثيرا؛ فتقسو علي فكرة فراقكم.

فعلا أكثر من صوت قائلا: لا كانت الدنيا بدونك يا سيد أحمد.

وقال علي عبد الرحيم بتأثر: سيترك مرضك هذا في نفسي أثرا لن يزول مع الأيام.

وقال محمد عفت بصوت خافت: أتذكر تلك الليلة؟ رباه لقد شيبتنا!

فمال غنيم حميدو نحو الفراش قليلا، وقال: نجاك الذي نجانا من الإنجليز ليلة بوابة الفتوح.

تلك الأيام السعيدة، أيام الصحة والعشق، وفهمي كان النجابة والأمل الموعود. - الحمد لله يا سيد حميدو.

وقال الشيخ متولي عبد الصمد: إني أسألك كم أعطيت الطبيب بدون وجه حق؟ ولا داعي للجواب، ولكني أدعوك إلى إطعام أولياء الحسين.

فقاطعه محمد عفت متسائلا: وأنت يا شيخ متولي، ألست من أولياء الحسين؟ وضح هذه النقطة.

فاستطرد الشيخ - دون مبالاة - وهو يضرب الأرض بعصاه عقب كل عبارة: أطعم أولياء الحسين وأنا على رأسهم، أراد محمد عفت أم لم يرد، وعليه هو أيضا أن يطعمهم إكراما لك، وأنا على رأسهم، وعليك أن تؤدي فريضة الحج هذا العام، ويا حبذا لو أخذتني معك ليضاعف الله لك الجزاء.

ما أطيبك وأقربك إلى قلبي يا شيخ متولي، أنت من معالم الزمن. - أعدك يا شيخ متولي بأن آخذك معي إلى الحجاز، إذا أذن الرحمن.

Неизвестная страница