351

Касида и картина: поэзия и живопись на протяжении веков

قصيدة وصورة: الشعر والتصوير عبر العصور

Жанры

لم ينم الليل أبدا.

الفصل الثالث والأربعون

ثورة الجسر

الصورة للفنان باول كليه (

) (1879-1940م) رسمها سنة 1937م، ويحتفظ بها متحف الفن في مدينة هامبورج.

تعتمد أعمال كليه - أو بالأحرى رؤاه الفنية - على الخيال الخلاق المتحرر من قيود المنطق والمعقول، وتتميز بنظرته الكونية الصافية التي تشرك الكائنات في «سيرك فلسفي» تملؤه أحزان القلب المفعم بالهموم الميتافيزيقية، ويديره الألم والحلم والسخرية، ويمتزج فيه التجريد بالتعبير عن البراءة والدعابة التي تذرف الدموع.

تلقى «كليه» تدريباته الأولى في مدينة ميونيخ، وتأثر رسمه وحفره في بداية حياته بفن الشاعر والرسام الإنجليزي وليم بليك والمصور بيردسلي، بجانب تأثره في مرحلة متأخرة من حياته بفن «جويا» و«إنسور». كان معلما بفطرته وعاطفته، وتولى التدريس في أشهر مدارس الفنون في العصر الحديث، وهي المدرسة المعروفة باسم «الباهوهاوس» التي أسسها المهندس المعماري «جروبيوس» سنة 1919م في «فيمار» (وهي المدينة الكلاسيكية الألمانية التي عاش فيها الشاعران الكبيران جوته وشيلر)، ثم انتقلت إلى مدينة «ديساو» ومنها إلى برلين، حيث أغلق النازيون أبوابها سنة 1933م.

قام «كليه» بالتدريس في أقسام الزجاج والنسيج والتصوير، كما نشرت المدرسة بعض كتاباته في التربية الفنية مثل «أساليب دراسة الطبيعة» (1923م)، والكتاب التخطيطي التربوي (1925م)، والتجارب الدقيقة في واقعية الفن (1928م). وقد رافقه في تلك المدرسة الشهيرة زميلاه في جماعة «الفارس الأزرق» التعبيرية وهما: كاندنسكي وفيننجر، اللذان شاركهما من قبل في معرض الجماعة الذي أقيم سنة 1912م في ميونيخ. سافر إلى تونس سنة 1914م في صحبة الفنان التعبيري «أوجست ماكيه»، حيث تكشف لخياله المبدع عالم جديد من الألوان، وبدأت مرحلة «تونسية» في إنتاجه الذي ابتعد عن النزعة الأدبية التي طبعت أعماله السابقة، وتحولت رسومه المائية إلى الأشكال البسيطة الموحية ببراءتها وسذاجتها وسيطرة روح الطفولة عليها.

استوحى الشاعر «كريس تانسبرج» صورته «ثورة الجسر»، كما استوحى في نفس الوقت قصيدة قصصية (بالاد) من شعر «جوته» هي قصيدة «الناقوس المتجول» عن طفل يهرب أيام الآحاد من الصلاة في الكنيسة ليتجول في الحقول، فتحذره أمه من الناقوس الرنان الذي سيأتي بنفسه ويأخذه معه. ويتصور الطفل المرعوب أن ناقوس الكنيسة يتجه نحوه مترنحا ويوشك أن يسحقه فيسرع في العدو عبر الربى والمروج، ويدخل الكنيسة بحيث تصبح زيارته لها بعد ذلك عادة متأصلة في نفسه!

أما الشاعر تانسبرج فقد ولد طفلا لقيطا في ولاية «شفيز» السويسرية سنة 1943م، وتقلب بين أعمال وحرف مختلفة؛ فكان قاطع أخشاب ومزارعا وصبي حلاق وصحفيا وواعظا ومعلم رياضة بدنية وبائعا وقاطع أحجار وأمين مكتبة. وأتاحت له هذه الأعمال فرصة التجوال في مختلف البلاد والآفاق والمتاحف؛ ولهذا كان من أكثر الشعراء المعاصرين إنتاجا لقصيدة الصورة المستلهمة من كنوز الفن القديم والحديث. «ثورة الجسر»

Неизвестная страница