Касида и картина: поэзия и живопись на протяжении веков
قصيدة وصورة: الشعر والتصوير عبر العصور
Жанры
ولا جدوى من اقتباس نماذج أخرى من هذا الشعر التصويري؛ لأنه لا يختلف كثيرا عن هذه المنظومة. وإذا كان من الواجب علينا أن ننوه بفضل أبي شادي رحمه الله في التنبيه إلى هذا النوع الأدبي وريادة طريق التفاعل المتبادل بين فني التصوير والشعر، فإن قصيدة الصورة لم تبدأ بدايتها الشعرية الحقيقية ولم تصبح الصورة موضوعا متكاملا للقصيدة إلا مع حركة الشعر الحر ...
مضى الشعر الحر على الطريق الذي بدأه أبو شادي فيما بعد الستينيات (وربما يرجع السبب في هذا إلى انشغال الحركة الجديدة في الخمسينيات بتحسس طريقها والدفاع عن حقها في الوجود إزاء الهجوم الضاري عليها، والصراع بين بعض أعلامها حول أسبقيتهم إلى ريادتها!) وظهرت قصيدة الصورة التي تصف اللوحة الفنية أو التمثال فتستوحي مضمونهما أو شكلهما، أو تجعلهما مناسبة لتقديم رؤية الشاعر للعالم، أو نقده للعصر والمجتمع، أو تأملاته عن وجود الإنسان ومعناه. وتعددت أشكال هذه القصيدة وأنماطها المختلفة؛ فمن قصيدة يحاول فيها الشاعر أن يستلهم طريقة الفنان التشكيلي بوجه عام والرسام بوجه خاص في تشكيل القصيدة وبنائها، إلى قصيدة موجهة إلى أحد كبار الفنانين والمصورين العرب أو الغربيين، إلى قصيدة مستوحاة من صور ولوحات فنية محددة.
أما النمط الأول فيطالعنا في قصيدة للمرحوم الشاعر صلاح عبد الصبور (من ديوانه شجى الليل) يدل عنوانها على أسلوبها ومنحاها «تقرير تشكيلي عن الليلة الماضية». الشاعر هنا - بقدر ما نعلم - يصف ولا يستوحي عملا فنيا محددا، وإنما يشكل بكلماته وإيقاعاته وبنية عباراته صورة مؤلفة من ثلاثة مقاطع، يقدم أولها عناصر الصورة من اللون والحركة، وإطار الاكتئاب المحيط بها:
عناصر الصورة:
لون رمادي، سماء جامدة
كأنها رسم على بطاقة.
مساحة أخرى من التراب والضباب،
تنبض فيها بضعة من الغصون المتعبة ،
كأنها مخدر في غفوة الإفاقة
وصفرة بينهما، كالموت، كالمحال،
Неизвестная страница