بعض النَّاس وَهِي الْأَرْبَعَة الطرفانية فَكَانَت ثَمَانِيَة وَعشْرين سنا فَمن الْأَسْنَان ثنيتان ورباعيتان من فَوق وَمثلهَا من أَسْفَل للْقطع ونابان من فَوق ونابان من تَحت للكسر وأضراس للطحن من كل جَانب فوقاني وسفلاني أَرْبَعَة أَو خَمْسَة فجملة ذَلِك اثتان وَثَلَاثُونَ أَو ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ. والنواجذ تنْبت فِي الْأَكْثَر فِي وسط زمَان النمو وَهُوَ بعد للبلوغ إِلَى الْوُقُوف وَذَلِكَ أَن الْوُقُوف قريب عَن ثَلَاثِينَ سنة وَلذَلِك تسمى أَسْنَان الْحلم. وللأسنان أصُول ورؤوس محددة تركز فِي ثقب الْعِظَام الحاملة لَهَا من الفكين وتنبت على حافة كل ثقبة زَائِدَة مستديرة عَلَيْهَا عَظِيمَة تشْتَمل على السن وتشده. وَهُنَاكَ روابط قَوِيَّة وَمَا سوى الأضراس فَإِن لكل وَاحِد مِنْهَا رَأْسا وَاحِدًا. وَأما الأضراس المركوزة فِي الفك الْأَسْفَل فَأَقل مَا يكون لكل وَاحِد مِنْهَا من الرؤوس رأسان وَرُبمَا كَانَ وخصوصا للناجذين ثَلَاثَة أرؤس وَأما المركوزة فِي الفك الْأَعْلَى فَأَقل مَا يكون لكل وَاحِد مِنْهَا من الرؤوس ثَلَاثَة أرؤس وَرُبمَا كَانَ - وخصوصًا للناجذين - أَرْبَعَة أرؤس وَقد كثرت رُؤُوس الأضراس لكبرها ولزيادة عَملهَا وَزيد للعليا لِأَنَّهَا معلقَة وَالنَّقْل يَجْعَل ميلها إِلَى خلاف جِهَة رؤوسها. وَأما السُّفْلى فثقلها لَا يضاد ركزها وَلَيْسَ لشَيْء من الْعِظَام حس الْبَتَّةَ إِلَّا الْأَسْنَان. قَالَ جالينوس: بل التجربة تشهد أَن لَهَا حسا أعينت بِهِ بِقُوَّة تأتيها من الدِّمَاغ لتميز أَيْضا بَين الْحَار والبارد. الْفَصْل السَّادِس الصلب مَخْلُوق لمنافع أَربع: أَحدهَا ليَكُون مسلكًا للنخاع الْمُحْتَاج إِلَيْهِ فِي بَقَاء الْحَيَوَان لما نذكرهُ من مَنْفَعَة النخاع فِي مَوْضِعه بالشرح. وَأما هَهُنَا فَنَذْكُر من ذَلِك أَمر مُجملا وَهُوَ أَن الأعصاب لَو نَبتَت كلهَا من الدِّمَاغ لاحتيج أَن يكون الرَّأْس أعظم مِمَّا هُوَ عَلَيْهِ بِكَثِير ولثقل على الْبدن حمله وَأَيْضًا لاحتاجت الْعصبَة إِلَى قطع مَسَافَة بعيدَة حَتَّى تبلغ أقاصي الْأَطْرَاف فَكَانَت متعرضة للآفات والانقطاع وَكَانَ طولهَا يوهن قوتها فِي جذب الْأَعْضَاء الثَّقِيلَة إِلَى مباديها فأنعم الْخَالِق عز اسْمه بإصدار جُزْء من الدِّمَاغ وَهُوَ النخاع إِلَى أَسْفَل الْبدن كالجدول من الْعين ليوزع مِنْهُ قسْمَة العصب فِي جنباته وَآخره بِحَسب موازاته ومصاقبته للأعضاء ثمَّ جعل الصلب مسلكًا حريزًا لَهُ وَالثَّانيَِة أَن الصلب وقاية وجُنَة للأعضاء الشَّرِيفَة الْمَوْضُوعَة قدامه وَلذَلِك خلق لَهُ شوك وسناسن. وَالثَّالِثَة أَن الصلب خلق ليَكُون مَبْنِيّ لجملة عِظَام الْبدن مثل الْخَشَبَة الَّتِي تهَيَّأ فِي نجر السَّفِينَة أَولا ثمَّ يركز فِيهَا ويربط بهَا وَسَائِر الْخشب ثانياَ وَلذَلِك خلق الصلب صلبًا. وَالرَّابِعَة ليَكُون لقوام الْإِنْسَان اسْتِقْلَال وقوام وَتمكن من الحركات إِلَى الْجِهَات وَلذَلِك خلق الصلب فقرات منتظمة لَا عظما وَاحِدًا وَلَا عظامًا كَثِيرَة الْمِقْدَار وَجعلت المفاصل بَين الفقرات لَا سلسة توهن القوام وَلَا موثقة فتمنع الانعطاف. الْفَصْل السَّابِع تشريح الفقرات فَنَقُول: الْفَقْرَة عظم فِي وَسطه ثقب ينفذ فِيهِ النخاع والفقرة قد يكون لَهَا أَربع زَوَائِد يمنة ويسرة وَمن جَانِبي الثقب وَيُسمى مَا كَانَ مِنْهَا إِلَى فَوق شاخصة إِلَى فَوق وَمَا كَانَ مِنْهَا إِلَى أَسْفَل شاخصة إِلَى أَسْفَل ومنتكسة وَرُبمَا كَانَت الزَّوَائِد سِتا أَرْبَعَة من جَانب وَاثْنَانِ من جَانب.
1 / 47