فَيكون غذَاء منميًا لَهُ وَمِنْه مَا لَا يصير غذَاء لذَلِك وَلَكِن يصلح لِأَن ينْعَقد فِي حشوه ويملأ الْأَمْكِنَة من الْأَعْضَاء الأولى فَيكون لَحْمًا وشحمًا وَمِنْه فضل لَا يصلح لأحد الْأَمريْنِ فَيبقى إِلَى وَقت النّفاس فتدفعه الطبيعة فضلا. وَإِذا ولد الْجَنِين فَإِن الدَّم الَّذِي يولده كبده يسد مسد ذَلِك الدَّم ويتولد عَنهُ مَا كَانَ يتَوَلَّد عَن ذَلِك الدَّم وَاللَّحم يتولّد عَن متين الدَّم ويعقده الْحر واليبس. وَأما الشَّحْم فَمن مائيته ودسمه ويعقده الْبرد وَلذَلِك يحله الْحر وَمَا كَانَ من الْأَعْضَاء مُتَخَلِّفًا من المنيين فَإِنَّهُ إِذا انْفَصل لم ينجبر بالاتصال الْحَقِيقِيّ إِلَّا بعضه فِي قَلِيل من الْأَحْوَال وَفِي سنّ الصِّبَا مثل الْعِظَام وَشعب صَغِيرَة من الأرودة دون الْكَبِيرَة وَدون الشرايين وَإِذا انْتقصَ مِنْهُ جُزْء لم ينْبت عوضه شَيْء وَذَلِكَ كالعظم والعصب وَمَا كَانَ متخلّقًا من الدَّم فَإِنَّهُ ينْبت بعد انثلامه ويتصل بِمثلِهِ كَاللَّحْمِ وَمَا كَانَ متولدًا عَن دم فِيهِ قُوَّة الْمَنِيّ بعد فَمَا دَامَ الْعَهْد بالمني قَرِيبا فَذَلِك الْعُضْو إِذا فَاتَ أمكن أَن ينْبت مرّة أُخْرَى مثل السنّ فِي سنّ الصِّبَا وَأما إِذا استولى على الدَّم مزاج آخر فَإِنَّهُ لَا ينْبت مرّة أُخْرَى. ونقول أَيْضا: إِن الْأَعْضَاء الحساسة المتحرّكة قد تكون تَارَة مبدأ الْحس وَالْحَرَكَة لَهما جَمِيعًا عصبَة وَاحِدَة وَقد يفْتَرق تَارَة ذَلِك فَيكون مبدًا لكل قُوَّة عصبَة. ونقول أَيْضا: ان جَمِيع الأحشاء الملفوفة فِي الغشاء منبت غشائها أحد غشاءي الصَّدْر والبطن المستبطنين أما مَا فِي الصَّدْر كالحجاب والأوردة والشريانات والرئة فمنيت أغشيتها من الغشاء المستبطن للأضلاع وَأما مَا فِي الْجوف من الْأَعْضَاء وَالْعُرُوق فمنبت أغشيتها من الصفاق المستبطن لعضل الْبَطن وَأَيْضًا فَإِن جَمِيع الْأَعْضَاء اللحمية إِمَّا ليفية كَاللَّحْمِ فِي العضل وَإِمَّا لَيْسَ فِيهَا لِيف كالكبد وَلَا شَيْء من الحركات إِلَّا بالليف. أما الإرادية فبسبب لِيف العضل. وَأما الطبيعية كحركة الرَّحِم وَالْعُرُوق والمركبة كحركة الازدراد فبليف مَخْصُوص بهيئة من وضع الطول وَالْعرض والتوريب فللجذب المطاول وللدفع الليف الذَّاهِب عرضا العاصر وللإمساك الليف المورب. وَمَا كَانَ من الْأَعْضَاء ذَا طبقَة وَاحِدَة مثل الأوردة فَإِن أَصْنَاف ليفه الثَّلَاثَة منتسج بَعْضهَا فِي بعض وَمَا كَانَ طبقتين فالليف الذَّاهِب عرضا يكون فِي طبقته الْخَارِجَة والآخران فِي طبقته الدَّاخِلَة ألاَ أَن الذَّاهِب طولا أميل إِلَى سطحه الْبَاطِن وَإِنَّمَا خلق كَذَلِك لِئَلَّا يكون لِيف الجذب وَالدَّفْع مُقَابل لِيف الجذب والإمساك هما أولى بِأَن يكونَانِ مَعًا أَلا فِي الأمعاء فَإِن حَاجَتهَا لم تكن إِلَى الْإِمْسَاك شَدِيدَة بل إِلَى الجذب وَالدَّفْع. ونقول أيضاَ: إِن الْأَعْضَاء العصبانية المحيطة بأجسام غَرِيبَة عَن جوهرها مِنْهَا مَا هِيَ ذَات طبقَة وَاحِدَة وَمِنْهَا مَا هِيَ ذَات طبقتين وَإِنَّمَا خلق مَا خلق مِنْهَا ذَا طبقتين لمنافع
1 / 40