الْكتاب الأول الْأُمُور الْكُلية فِي علم الطِّبّ يشْتَمل على أَرْبَعَة فنون
(الْفَنّ الأول)
(فِي حد الطِّبّ وموضوعاته من الْأُمُور)
(الطبيعية ويشتمل على سِتَّة تعاليم)
(التَّعْلِيم الأول)
([وَهُوَ فصلان]
الْفَصْل الأول أَقُول: إِن الطِّبّ علم يتعرف مِنْهُ أَحْوَال بدن الْإِنْسَان من جِهَة مَا يَصح وَيَزُول عَن الصِّحَّة ليحفظ الصِّحَّة حَاصِلَة ويستردها زائلة. وَلقَائِل أَن يَقُول إِن الطِّبّ يَنْقَسِم إِلَى نظر وَعمل وَأَنْتُم قد جعلتم كُله نظرا إِذْ قُلْتُمْ إِنَّه علم وَحِينَئِذٍ نجيبه ونقول إِنَّه يُقَال إِن من الصناعات مَا هُوَ نَظَرِي وعملي وَمن الْحِكْمَة مَا هُوَ نَظَرِي وعملي وَيُقَال إِن من الطِّبّ مَا هُوَ نَظَرِي وعملي. وَيكون المُرَاد فِي كل قسْمَة بِلَفْظ النظري والعملي شَيْئا آخر وَلَا نحتاج الْآن إِلَى بَيَان اخْتِلَاف المُرَاد فِي ذَلِك إِلَّا فِي الطِّبّ فَإِذا قيل إِن من الطِّبّ مَا هُوَ نطري وَمِنْه مَا هُوَ عَمَلي فَلَا يجب أَن يظنّ أَن مُرَادهم فِيهِ هُوَ أَن أحد قسمي الطِّبّ مَا هُوَ نَظَرِي وَمِنْه مَا هُوَ عَمَلي فَلَا يجب للْعَمَل كَمَا يذهب إِلَيْهِ وهم كثير من الباحثين عَن هَذَا الْموضع بل يحِق عَلَيْك أَن تعلم أَن أصُول الطِّبّ وَالْآخر علم كَيْفيَّة مُبَاشَرَته ثمَّ يخص الأول مِنْهُمَا باسم الْعلم أَو باسم النّظر ويخص الآخر باسم الْعَمَل فنعني بِالنّظرِ مِنْهُ مَا يكون التَّعْلِيم فِيهِ مُقَيّد الِاعْتِقَاد فَقَط من غير أَن يتَعَرَّض لبَيَان كَيْفيَّة عمل مثل مَا يُقَال فِي الطِّبّ: إِن أَصْنَاف الحميات ثَلَاثَة وان الأمزجة تِسْعَة ونعني بِالْعَمَلِ مِنْهُ لَا الْعَمَل بِالْفِعْلِ وَلَا مزاولة الحركات الْبَدَنِيَّة بل الْقسم من علم الطِّبّ الَّذِي يُفِيد التَّعْلِيم فِيهِ رَأيا ذَلِك الرَّأْي مُتَعَلق بِبَيَان كَيْفيَّة عمل مثل مَا يُقَال فِي الطِّبّ إِن الأورام الحارة يجب أَن يقرب إِلَيْهَا فِي الِابْتِدَاء مَا يردع ويبرد ويكشف ثمَّ من بعد ذَلِك تمزج الرادعات بالمرخيات ثمَّ بعد الِانْتِهَاء إِلَى الانحطاط يقْتَصر على المرخيات المحللة إِلَّا فِي أورام تكون عَن مواد تدفعها الْأَعْضَاء الرئيسة فَهَذَا التَّعْلِيم يفيدك رَأيا: هُوَ بَيَان كَيْفيَّة عمل فَإِذا عملت هذَيْن الْقسمَيْنِ فقد حصل لَك علم علمي وَعلم عَمَلي وَإِن لم تعْمل قطّ.
1 / 13