(خطْبَة الْكتاب)
(الْمُقدمَة)
الْحَمد لله حمدا يسْتَحقّهُ بعلو شَأْنه، وسبوغ إحسانه، وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد النَّبِي وَآله وَسَلَامه.
(وَبعد) فقد التمس مني بعض خلص إخْوَانِي، وَمن يلْزَمنِي إسعافه بِمَا يسمح بِهِ وسعي أَن أصنف فِي الطِّبّ كتابا مُشْتَمِلًا على قوانينه الْكُلية والجزئية اشتمالا يجمع إِلَى الشَّرْح والاختصار وَإِلَى إِيفَاء الْأَكْثَر حَقه من الْبَيَان الإيجاز فأسعفته بذلك. وَرَأَيْت أَن أَتكَلّم أَولا فِي الْأُمُور الْعَامَّة الْكُلية فِي كلا قسمي الطِّبّ، أَعنِي الْقسم النظري، وَالْقسم العملي، ثمَّ بعد ذَلِك أَتكَلّم فِي كليات أَحْكَام قوى الْأَدْوِيَة المفردة. ثمَّ فِي جزئياتها. ثمَّ بعد ذَلِك فِي الْأَمْرَاض الْوَاقِعَة بعضو عُضْو، فأبتدئ أَولا بتشريح ذَلِك الْعُضْو ومنفعته، وَأما تشريح الْأَعْضَاء المفردة البسيطة فَيكون قد سبق مني ذكره فِي الْكتاب الأول الْكُلِّي وَكَذَلِكَ مَنَافِعهَا. ثمَّ إِذا فرغت من تشريح ذَلِك الْعُضْو ابتدأت فِي أَكثر الْمَوَاضِع بِالدّلَالَةِ على كَيْفيَّة حفظ صِحَّته. ثمَّ دللت بالْقَوْل الْمُطلق على كليات أمراضه وأسبابها وطرق الاستدلالات عَلَيْهَا وطرق معالجاتها بالْقَوْل الْكُلِّي أَيْضا فَإِذا فرغت من هَذِه الْأُمُور الْكُلية أَقبلت على الْأَمْرَاض الْجُزْئِيَّة، ودللت أَولا فِي أَكْثَرهَا أَيْضا على الحكم الْكُلِّي فِي حَده وأسبابه ودلائله، ثمَّ تخلصت إِلَى الْأَحْكَام الْجُزْئِيَّة، ثمَّ أَعْطَيْت القانون الْكُلِّي فِي المعالجة، ثمَّ نزلت إِلَى المعالجات الْجُزْئِيَّة بدواء، دَوَاء بسيط أَو مركب. وَمَا كَانَ سلف ذكره من الْأَدْوِيَة المفردة ومنفعته فِي الْأَمْرَاض فِي كتاب الْأَدْوِيَة المفردة فِي الجداول والأصباغ الَّتِي أرى اسْتِعْمَالهَا فِيهِ، كَمَا تقف أَيهَا المتعلم فيع إِذا وصلت إِلَيْهِ، لم أكرر إِلَّا قَلِيلا مِنْهُ. وَمَا كَانَ من الْأَدْوِيَة المركبة أَن مَا الأحرى بِهِ أَن يكون فِي الأقراباذين الَّذِي أرى أَن أعمله أخرت ذكر مَنَافِعه وَكَيْفِيَّة خلطه إِلَيْهِ. وَرَأَيْت أَن أفرغ عَن هَذَا الْكتاب إِلَى كتاب أَيْضا فِي الْأُمُور الْجُزْئِيَّة، مُخْتَصّ بِذكر الْأَمْرَاض الَّتِي إِذا وَقعت لم تخْتَص بعضو بِعَيْنِه، ونورد هُنَالك أَيْضا الْكَلَام فِي الزِّينَة، وَأَن أسلك فِي هَذَا الْكتاب أَيْضا مسلكي فِي الْكتاب الجزئي الَّذِي قبله، فَإِذا تهَيَّأ بِتَوْفِيق الله تَعَالَى الْفَرَاغ من هَذَا الْكتاب، جمعت بعده كتاب الأقراباذين. وَهَذَا كتاب لَا يسع من
1 / 9