Англия и Суэцкий канал: 1854–1951
إنجلترا وقناة السويس: ١٨٥٤–١٩٥١م
Жанры
المشروع وليد سياسة عدائية بالنسبة لمصر من ناحية فرنسا.
ولم تجد محاولات فردنند دي لسبس في الاتصال بستراتفورد، وإقناعه بأهمية المشروع وعدم تعارضه مع المصالح الإمبراطورية الإنجليزية، وأن المسألة مسألة مصرية تركية قبل كل شيء، لا داعي فيها للتدخل الحكومي الإنجليزي أو الفرنسي.
ولقد نجح ستراتفورد دي ردكليف في نصحه للباب العالي، مما عقد الأمور لدي لسبس، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أرسل الباب العالي نتيجة لمساعي إنجلترا خطابا شديد اللهجة إلى سعيد باشا في مصر يحذره فيها عواقب عمله الجريء.
ومع ذلك فقد قدر للمشروع الفرنسي البقاء نظرا لتدخل الدولة النمساوية في صالح دي لسبس، فلقد كانت تعضد المشروع الفرنسي تعضيدا كبيرا.
ولقد اصطدمت المصالح الإنجليزية والفرنسية في هذا المشروع وهاجت بينهما الإحن القديمة إلى حد أن وجدت الحكومتان الإنجليزية والفرنسية ضرورة المحافظة على تحالفهما وعلاقاتهما الطيبة، فاتفقتا فيما بينهما على أن تمتنعا عن التدخل الفعلي لا بتعضيد المشروع ولا بالعمل على فشله، ولكن هذا الاتفاق لم يمنع الحكومة البريطانية من أن تتابع خطتها في بث العقبات والعراقيل أمام المشروع الفرنسي، وهذا الموقف اضطر صاحب المشروع للقيام بالدعاية للمشروع في إنجلترا ذاتها.
وكان على رأس الوزارة في إنجلترا في ذلك الوقت لورد بامرستون، وهو يمثل الرجل الإنجليزي والسياسي الإنجليزي أصدق تمثيل، فهو مؤمن بتفوق إنجلترا، ويعمل لعظمتها وخدمة مصالحها قبل كل شيء، ويرى أنه من الواجب على الدول الأخرى أن تستمع لآراء إنجلترا بما لها من مركز ممتاز في العالم، وهو لا يتقيد كثيرا بالخيالات ولا تؤثر فيه النواحي العاطفية إذا ما تعارضت مع مصالح إنجلترا الحقيقية، وهو ملم تماما بأمور السياسة الخارجية لا تفوته صغيرة ولا كبيرة من أمورها.
وهو من أكبر دعاة الإمبراطورية، ومن القائلين بضرورة حماية مواصلاتها وطرق تجارتها، وهو الذي وضع سياسة إنجلترا التقليدية في الشرق الأدنى، فليس إذن غريبا أن يعارض هذا الرجل كل مشروع فرنسي، فهو لا يوافق على مشروع القناة؛ لأنه يرى أن المشروع يتعارض مع مصالح إنجلترا الإمبراطورية، وهو لا يثق كثيرا في استقرار الأمور السياسية في فرنسا، وخاصة ما يتعلق منها بنظام الحكم، ويرى أن إنجلترا يجب أن تتمسك بطريق الأطلنطي لأنها تستطيع الإشراف عليه، وهي مشرفة عليه بالفعل.
فهو يعترف بأن حكومة نابليون الثالث صديقة لإنجلترا، ولكنه لا يستطيع أن يضمن أن الحكومة التي تخلفها في المستقبل ستحافظ على ولاء إنجلترا، فقد تستغل هذه الطريق الجديدة لمناوأة النفوذ البريطاني ومحاربة المصالح الإنجليزية فيما وراء البحار.
ولذلك حين حاول دي لسبس الاتصال به لم يجد منه أذنا صاغية، فلقد بين بامرستون لصاحب المشروع بصراحة ووضوح، شأنه في كل تصريحاته السياسية، بأنه لا يوافق على ذلك المشروع فهو غير عملي ولا يمكن تنفيذه.
على أن موقف الحكومة الإنجليزية العدائي لم يدع دي لسبس إلى القنوط أو إلى التنازل عن فكرته؛ ولذا فهو يحاول الاتصال بالزعماء الإنجليز الآخرين من أمثال كوبدن، وجلادستون، وحاول كذلك الاتصال بالرأي العام الإنجليزي، يقنعه بقيمة المشروع من الناحية العملية ومن الناحيتين الحضارية والإنسانية، أرسل خطابات إلى أعضاء البرلمان الإنجليزي، وإلى إدارة شركة الهند الشرقية، وأصحاب السفن، وأعضاء الغرف التجارية، وكبار رجال الصناعة وأصحاب المصارف ، يحاول أن يقنعهم بفائدة المشروع من الناحية العملية والمالية، ولم تذهب كل مساعي دي لسبس دون جدوى، فلقد أظهرت شركة الهند الشرقية عطفها على مشروعه، وكذلك بعض شركات خطوط الملاحة لا سيما شركة ال
Неизвестная страница