جاءتنا الإفلاسات من إيطاليا، «بانكوروتو»، «بانكاروتا»، «جامباروتا إي لا جيوستيتسيا نون إمبيكار» (لا يجتمع الإفلاس والعدالة). كان لكل تاجر مقعده (بانكو) في مكان التبادل، وحينما كانت أعماله تسوء يعلن أنه «فاليتو» أي أفلس، ويتخلى عن أملاكه لدائنيه بشرط أن يستبقي جزءا كبيرا منها لنفسه، ويكون حرا طيب السمعة. لم يكن هناك ما يقال له، فمقعده انكسر «بانكو روتو» أو «بانكا روتا»، لا، بل كان يمكنه في مدن معينة أن يحتفظ بملكيته كاملة، ويصد دائنيه، بشرط أن يجلس عاري المؤخرة على حجر في حضور كل التجار. كان ذلك اشتقاقا ملطفا للمثل الروماني القديم الذي يعني «الدفع نقدا أو بالمؤخرة». لكن تلك العادة لم تعد قائمة؛ إذ فضل الدائنون أموالهم على مؤخرات المفلسين.
في إنجلترا وبعض البلاد الأخرى يعلن المرء إفلاسه في الصحف الرسمية. يجتمع الشركاء والدائنون معا بمقتضى ذلك الإعلان الذي يقرأ في المقاهي، ويتوصلون إلى أفضل ترتيب ممكن.
ولما كانت تظهر وسط الإفلاسات حالات احتيال مرارا، كان ضروريا فرض عقاب عليها. وإذا رفعت إلى المحكمة تعتبر في كل مكان بمنزلة السرقة، ويحكم على المذنبين بعقوبات مخزية.
ليس حقيقيا أن عقوبة الموت في فرنسا سنت ضد المفلسين بلا تمييز. لم تتضمن الإفلاسات البسيطة أي عقوبة؛ أما المفلسون المحتالون فقد عانوا عقوبة الموت في دويلات أورليون تحت حكم شارل التاسع، وفي دويلات بلوا في عام 1576م، لكن تلك المراسيم التي جددها هنري الرابع كانت محض تهديدية.
يتعذر إثبات أن رجلا ما لوث سمعته عمدا، وتخلى عن كل بضائعه لدائنيه طوعا كي يغشهم. حينما كان يتبادر شك حيال الأمر كان المرء يكتفي بأن يضع ذلك الرجل تعيس الحظ تحت المشهرة، أو يرسل للتجديف في السفن، على الرغم من أنه عادة ما يكون لدى المصرفي حكم ضعيف بالإدانة.
كان المفلسون يعاملون بطريقة لائقة للغاية في الأعوام الأخيرة من حكم لويس الرابع عشر، وأعوام الوصاية على العرش. الحالة المؤسفة التي انحدرت إليها الشئون الداخلية للمملكة، وكثرة التجار الذين لم يستطيعوا أو يريدوا الدفع، وكمية المتعلقات التي لم تبع أو لم يكن ممكنا بيعها، والخوف من كساد التجارة كافة؛ كل ذلك أجبر الحكومة في أعوام 1715م و1716م و1718م و1721م و1722م و1726م على تعليق كل الإجراءات ضد كل من كانوا في حالة إفلاس. أحيلت كل المناقشات حول تلك الإجراءات على هيئة الاستشاريين القضاة، وهي هيئة قضائية من التجار ذات خبرة كبيرة بهذه القضايا، وأفضل تشكيلا للخوض في هذه التفاصيل التجارية من البرلمانات التي كانت مشغولة بقوانين المملكة أكثر من انشغالها بالأمور المالية. ولما كانت الدولة في ذلك الوقت توشك على الإفلاس، كان يتعذر عقاب مفلسي فقراء الطبقة المتوسطة.
منذ ذلك الوقت أصبح لدينا رجال بارزون، مفلسون محتالون، لكنهم لم ينالوا عقابهم.
الجمال
سل ضفدعا: ما الجمال «مثال الجمال؟» سيجيبك أن الجمال هو زوجته الضفدعة صاحبة العينين المستديرتين الجاحظتين من رأسها الصغير، وفم واسع منبسط، وبطن صفراء، وظهر بني اللون. سل زنجيا غينيا، الجمال من وجهة نظره هو جلد أسود زيتي، وعينان عميقتان، وأنف مفلطح. اسأل الشيطان، سيخبرك بأن الجمال زوج من القرون، وأربعة مخالب وذيل. استشر الفلاسفة في النهاية، سيجيبونك بكلام مبهم؛ فلا بد من أن يتوفر لديهم شيء يتسق مع الجمال المطلق في الجوهر، مع «مثال الجمال».
ذات يوم ، حضرت مسرحية تراجيدية بالقرب من فيلسوف. سمعته يقول: «يا لجمالها!» فسألته : «ما الجمال الذي وجدته فيها؟» فأجاب: «إنها جميلة لأن المؤلف حقق هدفه.»
Неизвестная страница