فقال البارون: «عندي إنسان آخر وهو المركيز كنراد منسرات، فهو حكيم وشجاع معا.»
فقال الملك: «هو حكيم داهية، ولكنه ذئب في جلد خروف. وأما من جهة كونه شجاعا فلا يغرنك ركوبه جياد الخيل ولبسه دلاص الدروع، فما كل مصقول الحديد يمانيا. أولا تذكر أني قلت له مرة: «لو كان أمامك ستون رجلا من العدو ومعك اثنان من الفرسان، أما كنت تهجم بهما عليهم؟» فماذا كان جوابه لي؟»
فقال: «أجابك أن أعضاءه من لحم لا من حديد، وأنه يفضل أن يكون له قلب إنسان على أن يكون له قلب وحش، ولو كان ذلك الوحش أسدا. وعليه فلا رجاء من أخذ بيت المقدس إلا إذا كنت قائدا لنا.»
فقال الملك: «ليس الأمر كذلك يا ده فو، بل في معسكر النصارى كثيرون من الفرسان، وهم أفضل مني لقيادة الجيوش، ولكن كل فارس يرفع علمه على البيت المقدس، وأنا مريض ويحرمني من هذا الفخر الذي أتيت لأجله لا يسلم من يدي حينما أشفى، وأظنني أسمع صوت البوق، فانظر ما هذا الصوت.»
فقال البارون: «هذه أبواق ملك فرنسا.»
فقال الملك: «ألم تعد تسمع؟! هذا صوت العدو وهذا تهليله.» قال ذلك وحاول القيام من فراشه، فحاول البارون منعه بكل قوته ولم يستطع حتى استعان ببعض الخدم، فلما رأى الملك نفسه عاجزا عن المقاومة قال: «أتمنعني عن النهوض أيها الخائن؟! لو كنت في صحتي لطيرت دماغك.»
فقال البارون: «يا حبذا لو كنت في صحتك ولو طيرت دماغي!»
فمد الملك يده له وقال: «يا خادمي الأمين، سامحني على ما فرط مني؛ فإن الحمى هي التي أنطقتني بما نطقت. والآن أطلب منك أن تمضي وترى ما سبب هذه الضوضاء.»
فخرج البارون من خيمة الملك بعد أن أوصى الخدم والحشم أن ينتبهوا أشد الانتباه إلى سيدهم، وهددهم بالعقاب الشديد إذا بدا منهم تقصير، وكانوا يخافون منه كما يخافون من الملك.
الفصل السابع
Неизвестная страница